ستند مجمل مفاصل الحياة الى قواعد واسس وقوانين، تنظم حركتها وطرق التعاطي معها، تحقيقا لغاية صيرورتها ووجودها، وانعدام تلك القواعد والقوانين يؤول بها الى التضاد والتضارب والفوضى والانحراف
وهذه المعادلة تنطبق على الصحافة وممتهنيها والمتعاطين معها، كباقي مفاصل الحياة فبخلاف المهن الاخرى التي قد تتأثر وتؤثر بحالة الفوضى والتخبط بشكل محدد، تنسحب حالة التخبط والعشوائية التي تكتنف سير اعمال قطاع الصحافة بانواعها المرئية والمسموعة والمقروءة على المجتمع برمته، كونها محركا اساسا يوجه الفعاليات الحياتية صوب اتجاهات معينة قد تكون ضارة في حال التخبط وسوء النوايا والعكس صحيح في حال توخي الدقة والموضوعية والامانة والصدق، كما للصحافة بانواعها وقع في النفوس بشكل عام وفي نفوس شريحة الشباب بشكل خاص والتي تعد المحرك الاساس لمجمل الانشطة والفعاليات الحياتية في المجتمع . لذلك تتحمل الصحافة مسؤولية جسيمة وخطيرة في ظل اوضاع شاذة يمر بها المجتمع لم يألفها عبر تاريخه الطويل، فحالة عدم الاستقرار التي مرت بالمجتمع عبر الـ27 عاما المنصرمة والتي ما زالت قائمة باسوأ صورها جراء تتابع الحروب والنكبات والمحن افضت الى ايجاد ادوار تخريبية واضحة لاطراف داخلية وخارجية، تعمل بشكل متواصل على تفتيت اسس الكيان السياسي العراقي عبر العمل على خلق واستمرار حالة الفوضى وتمزيق النسيج الاجتماعي الذي يعد المرتكز الاساس لصيرورة وبقاء الكيان السياسي الوطني موحدا مزدهرا لذا بات ظهور قانون ينظم اعمال قطاع الصحافة بانواعها غاية في الاهمية خصوصا بعد تفشي حال الفوضى والعبث وعدم وضوح الرؤية والابتعاد عن المنطق لا بل والايغال في دفع الواقع المر الى المزيد من التدهور من جانب بعض العاملين في ذلك القطاع اذ ظهرت صحافة بانواعها ذات صيغة طائفية الى جانب تحريضها على العنف تحت واجهات وعناوين مختلفة مايجعلها تتقاطع مع اهداف الصحافة الحرة في المساهمة بخلق حالة من الوعي والمواطنة الحقة. لذلك لابد من ايجاد آليات عمل تنظم سير اعمال قطاع الصحافة عبر قانون متطور يتماشى مع معطيات الواقع واعتبارها ضرورة لا مناص منها لدفع العمل الصحفي صوب تحصين الافراد عبر توجيههم بشكل سليم يصب في صالح ترصين التوجهات الصحيحة والابتعاد عن التوجهات الشاذة وترسيخ المبادئ والقيم النبيلة في النفوس، على ان يتضمن ذلك القانون ايجاد جهات رقابية تمارس مهام اصدار اجازات عمل للمؤسسات الصحفية بانواعها ومراقبة ادائها بشكل نزيه من دون تسلط وانحياز، ضمانا لتوخي الفائدة المرجوة من ذلك التشريع الذي بات ضرورة لازمة للحد من حال الفوضى والتردي اللذين يكتنفان سير اعمال ذلك القطاع، الى جانب ايجاد قناة يمر من خلالها العاملون في الوسط الصحفي (معهد) لتحديد صلاحيتهم وتطوير قابلياتهم لضمان الارتقاء بالعمل الصحفي بانواعه، اذ تسرب الى الوسط الصحفي مؤخرا من ليس له علاقة من قريب او بعيد بذلك العمل، ماجعل الصحافة في حال من الهبوط وعدم المصداقية في بعض مفاصلها كذلك لابد من ايجاد المناخ الملائم للعاملين في ذلك الوسط ودفع مخاطر العمل عنهم خصوصا بعد تعرض عدد كبير منهم لاعمال العنف، وضمان حقوقهم وحقوق عيالهم، ماسيتولد عنه حافز قوي للعمل الجاد من لدن العاملين في الوسط الصحفي، وبذلك يتحقق هدف مركب يتمثل بايجاد تشريع متطور يواكب حركة العصر وسير الاحداث ويدفع بالصحافة الى ارتياد مكانها الحقيقي المتمثل بتوجيه الراي العام صوب التحولات الديمقراطية الحرة من جانب وممارسة دور الرقيب على المؤسسات ذات النفع العام باعتبارها سلطة رابعة، بما يؤدي الى تحقيق الغايات المرجوة من وجودها في ظل مجتمع يأخذ باسباب التقدم وينحو صوب الارتقاء وصولا الى مرحلة الرخاء والازدهار