الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أكتب
لك هذه الرسالة من صميم القلب، ومن خالص المحبة في الله ..وأقول في
البداية: إني أحبك في الله، وأسال الله أن يجمعني وإياك في ظله يوم لا ظل
إلا ظله .. أخي في الله .. كل منا معرضٌ للخطأ والزلل وليس فينا من
معصوم!! فنركب الأخطاء وتركبنا، ونصارع الشهوات فتارة نصرعها وتارة
تصرعنا.. ونجاهد الرغبات فإما أن ننتصر عليها وإما أن تكون هي المنتصرة
علينا .. وهكذا دواليك .. وفي هذا أخي ما يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن
من الفاجر ، والتقي من الشقي !! .. نعم فجميعنا قد جعل الله فيه الشهوات
..وغرز في أنفسنا الرغبات ..ألم تقرأ قوله تعالى : {زُيِّنَ
لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ
الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} ..لكن لسنا جميعا
سواء !! ..منا من أصبح عبدًا لشهواته ، أينما توجهه توجّه، ويريد الحصول
على كل ما يرغب فيه ويشتهيه ولو كان ( والعياذ بالله ) حرامًا ومنكرا،
ومنّا من ملك زمامه، وجعل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه
الدنيا إمامه ، فإن اشتهى حراما استعاذ بالله، وأناب إليه، وبكى، وانتفض،
وارتعد وطلب من ربه العون والستر.
أخي
الحبيب .. بعد هذا العرض الذي قدمته لك ..أسألك سؤالاً ولا أنتظر إجابتك
بل أجب أنت على نفسك: هل أنت عبد لشهواتك ورغباتك وهواك ..؟؟ أم أنك مسيطر
على شهواتك ورغباتك وهواك..؟؟ سؤال قد يكون جوابه سهل عليك ..لأنك الأعلم
بنفسك ..
فإن
كنت أخي من الصنف الأول فاسمع قول خالقك: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيّاً} .
أخي:
أنت مخلوق من لحم وعظم ..!! إن تعرضت للنار لثوانٍ معدودات اسود جسمك،
وذاب لحمك وتشوه .فما بالك بالبقاء في نار السموم ؟؟ وأنت ضعيف قاصر لا
تستطيع العيش بسلام مع الدنيا إلا بعون الله وتوفيقه .فكيف تحصل على العون
والتوفيق منه وأنت مقصر، ومعرض ؟؟فخسران في الدنيا ، وخسران في الآخرة فيك
يجتمعان ؟؟ أخي: لقد أودع الله فيك عقلا مفكرا، أفلا تنظر إلى ما أنعم
الله عليك به من نعم ؟؟..فكيف لا تحكم عقلك فتتبع الصراط المستقيم ؛
الصراط الذي يريدك الله أن تكون عليه ،وتمضي فيه ؟
فانظر كيف غيبت الإيمان حيث لم تجعل هواك تبعا لما جاء به صلى الله عليه وسلم.
أخي
الحبيب : عد إلى رب براك ..وافتح صفحة جديدة نقية خالية من الشوائب بينك
وبين الله ..صفحة تسطر فيها كل فضيلة ، وكل صالحة، واملأها بكل ما تستطيع
من خير، وتذكر قول حبيبك صلى الله عليه وسلم: ((حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)) مسلم 2822 .حمانا الله من غوائل الشيطان، والسلام.