ولا تنسوا الفضل بينكم

[center]بسم الله الرحمن الرحيم

ولا تنسوا الفضل بينكم

من
المعلوم أن أفضل مدرسة هي الحياة، مهما درسنا، ومهما تعلمنا، تبقى الحياة
هي أفضل معلم، فهي عبارة عن مجموعة من التجارب والذكريات، بحلوها ومرها،
ولذلك ليس من الجيد أن نأسف على اللحظات الصعبة، أو أن نحاول القطيعة مع
الذكريات السيئة، وأجمل ذكرى هي الأيام التي يقضيها الأحبة معا، سواء
كانوا أزواجا أو أصدقاء أو غير ذلك، وذكريات الحب كلها جميلة، سواء كانت
مرة أو حلوة، لأن أجمل ما في الحب هي المعاناة، فلذلك لاتندم على حب عشته،
حتى ولو صار ذكرى مريرة تؤلمك، وتجعل الدموع تنساب على خديك دون أن تشعر،
.فإذا كانت الزهور قد ذبلت وجفت وضاع عبيرها ولم يبق منها غير الأشواك،
فلا تنس أنها منحتك عطراً جميلاً أسعدك في كثير من الأوقات.

لا
تحاول أبدا أن تكسر كل الجسور مع من أحببت، حتى وإن جرحك وهجرك، فقد تعود
المياه إلى مجاريها يوما ما، وقد ينطبق عليكما قول القائل:

أحبب حبيبك هونا مــا ... عسى أن يكون عدوك يوما ما

وخاصم عدوك هونا ما ... عسى أن يكون حبيبك يوما مـا

وقول الشاعر:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

فربما شاءت الأقدار أن تجمعكما من جديد، وتعود الأيام الجميلة، وبلحظات أجمل، ويشتعل الشوق بعد الفراق، ويستمر الوفاق.

والفراق شيء وارد كما قال الشاعر:

يا نفس صبرا في مجال الموت صبرا ... فكل حي لاق وكل اثنين إلى افتراق

إلا
أن طرق الفراق وأسبابه تختلف من شخص إلى آخر، فليس سنة أن يكون سبب الفراق
هو الخصام، فقد يكون سبب الفراق هو الموت، أو الطلاق، أو رفض العائلة
للطرف الآخر، أو مجرد اختلاف وجهات النظر، التي ينتج عنها سوء التفاهم،
الذي يؤدي إلى الخصام، وبالتالي إلى الفراق المحتوم، وإذا كان الفراق لابد
منه، فهل من الضروري أن نقطع علاقتنا بحبيب القلب، ونضرب كل الأيام
الجميلة عرض الحائط في لحظة غضب، والله هذا ما لا يستصيغه عقل، والله
تعالى يقول: {ولا تنسوا الفضل بينكم}،
كيف يمكنك أن تتخلص من ماض جميل مليء بالذكريات الجميلة واللحظات السعيدة،
وتتعلق بلحظة انفعال إشباعا لكبرياء نفسك، ومعلوم أن الذل لا يصح إلا
للحبيب كما قال الشاعر:

تذلل لمن تهوى لتكسب عزة ... فكم عزة نالها المرء بالذل

نعم إذا
قررت يوما أن تترك حبيباً، فلا تترك له جرحاً عميقا بكلماتك الجارحة التي
لا تدل إلا عن سواد قلبك ونكرانك للجميل، فمن أعطاك قلبهً لايستحق منك أن
تغرس فيه سهماً، أو تترك له لحظة ألم تشقيه، فما أجمل أن تبقى بينكما
لحظات الزمن الجميل، وتلك اللحظات السعيدة التي تجعلكما تبتسمان بمجرد
تذكرها، وإذا فرقت الأيام بينكما فاذكروا موتاكم بخير، ولا تتحدث عنه إلا
بكل ما هو رائع ونبيل، فقد أعطاك قلبه مدة طويلة، وأعطيته عمرك وكنت
تستيقظ على ذكر اسمه، وتنام على نبضات قلبه، وليس هناك أغلى من القلب
والعمر في حياة الانسان، وإذا جلست يوماً وحيداً، تحاول أن تجمع حولك ظلال
أيام جميلة عشتها مع من تحب، فرجاء اترك بعيداً كل مشاعر الألم والوحشة
التي فرقت بينكما، لأنه مع كل هذا فالحبيب هو الحبيب، بمجرد أن تراه تحن
إلى حضنه وتتمنى أن تضمه إليك بكل قوتك، بل في كثير من الأحيان تتذكر ما
كان بينكما من العراك والخصام فتبتسم دون أن تشعر، وهذا أيضا من علامات
الحب الصادق، فليست الحياة كلها أزهار وورود، بل لابد لمن أحب الورود أن
يحبها بأشواكها لأنها جزء منها، وستموت بدونها، لا تكن ممن لا يقطف الوردة
إلا إذا تجردت من أشواكها.
حاول
أن تحفظ في ذاكرتك كل الكلمات الجميله التي سمعتها ممن تحب، وكل الكلمات
الصادقة التي قلتها لمن تحب، واجعل في أيامك مجموعة من الصور الجميلة لهذا
الانسان الذي سكن قلبك...ملامحه...وبريق عينيه الحزين...وابتسامته في لحظة
صفاء...ووحشته في لحظة ضيق...والأمل الذي كبر بينكما وترعرع حتى وإن كان
قد ذبل ومات...فالفراق من سنن الحياة.

إذا
سألوك يوماً عن إنسان أحببته فلا تفش سراً كان بينكما، ولا تحاول أبداً
تشويه الصورة الجميلة لهذا الإنسان الذي أحببته، اجعل من قلبك مخبأ سرياً
لكل أسراره وحكاياته، فالحب أخلاق قبل أن يكون مجموعة من المشاعر...والغيرة من سمات العشاق الصادقين.

وإذا
شاءت الأقدار، واجتمع الشمل من جديد فلا تبدأ بالعتاب والهجاء، وحاول أن
تتذكر آخر لحظة حب بينكما لكي تصل الماضي بالحاضر، ولا تفتش عن أشياء مضت
لأن الذي مضى قد مضى...والحاضر أهم كثيراً من الماضي...ولحظة اللقاء أجمل
بكثير من ذكريات وداع موحش، وفراق مؤلم.

واذا
اجتمع الشمل مرة أخرى، حاول أن تتجنب أخطاء الأمس التي فرقت بينكما، لأن
الإنسان لابد أن يستفيد من تجاربه...ولا تحاول أبداً تصفية حسابات أو تثأر
من إنسان أعطيته قلبك...لأن تصفية الحسابات عملة رخيصة في سوق الأحبة
والعشاق، والثأر ليس من كريم الأخلاق...

واذا كان ولا بد من الفراق فلا تترك للصلح باباً إلا طرقته...والصلح خير...واذا
اكتشفت أن كل الأبواب مغلقة...وأن الرجاء لا أمل فيه...وأن من أحببته قد
أغلق أبواب قلبه...وألقى مفاتيحها في سراديب النسيان...فاعلم أن كرامتك
أهم بكثير من قلبك الجريح...حتى وإن غطت دماؤه سماء هذا الكون
الفسيح...فلن يفيدك أن تنادي حبيباً لا يسمعك...وأن تسكن بيتاً لم يعد فيه
أحد يعرفك...وأن تعيش على ذكرى إنسان فرط فيك بلا سب إلا لأنه لا يحبك، .فهذا هو قمة الألم، .لكن تذكر هذه القولة الجميلة: "اندم على من أحبك وتركته، ولا تندم على من أحببته وتركك".
وإذا سألوك عن حبيبك فقل: "تحياتي لمن دمر حياتي"
[/center]

» الفضل الوحيد لشهر رجب !
» مخطوط||◄فضائل القرآن و ما جاء فيه من الفضل و السنة في ذلك ►||من رفعي