بسم الله الرحمن الرحيم
التحفتان في الرد على قول بعض علماء العصر بأن التزاور في العيدين وإسبال اللحية بعد القبضة بدعتان
قد ذهب أحد أجلة هذا العصر من أهل العلم إلى أن تخصيص
العيدين بالزيارة بدعة كما أن تخصيص زيارة القبور بالعيد ين بدعة
وأن إطالة اللحية بعد القبضة من الإسبال المحرم ( لأنه بدعة )
وذلك
لأن الصحابة ماكانوا يزيدون على مابعد القبضة كابن عمر وأبي هريرة
فإطالتها بعدها محرم فالنص العام إذا عمل ببعض أفراده فالأفراد المعطلة عن
العمل العمل بها بدعة فقوله أرخوا اللحى عام وقد تعبد السلف بإرخائها إلى
القبضة فما زاد من أفراد الإرخاء بعد القبضة فما فوق ذلك بدعة كمن صلى
الضحى جماعة أخذا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجلين أزكى من
صلاة الرجل .وفيما قاله ذلك العلم الجليل
نظر بل تشرع الزيارة في العيدين وإطالة اللحية بعد القبضة وذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول / أن الزيارة في العيدين مرجعها إلى العادات
والأصل في العادات الإباحة لاإلى التعبد الذي الأصل فيه المنع.
الوجه
الثاني / أن زيارة القبور عبادة لاعادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم قد
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة فصارت عبادة
محضة .فإنه حصر الزيارة في تذكر الآخرة وهو تعبد محض .
الوجه
الثالث / ليس الزيارة بتعبد محض فيمكن الزيارة بغرض الإرفاه وهذا عادة
ويمكن بغرض التعبد فقصد التعبد بإعتقاد سنية تخصيص الزيارة وأن ذلك موروث
عن النبي والصحابة في العيدين بدعة لامطلق (((تخصيص الزيارة بالعيدين )))
كما ذكر الشيخ.
الوجه الرابع / أن الزيارة في العيدين من جنس عيادة المريض
فمرجع
أو قاتها ولو على سبيل التعبد للعرف فقد قال صلى الله عليه وسلم عودوا
المريض كما في صحيح البخاري ولم يخصص الوقت ومرجع معرفة ذلك بحسب حال
المريض والعرف السائد في زيارته فلا يزار بعد الظهر عرفا في بعض البلاد
إلا إذا كان يحب أو كان العرف سائدا على هذا النحو...وكذلك الزيارة العامة
فهي ليست تعبدا محضا وتكون بحسب العرف السائد في البلاد وقد جرى العرف على
التزاور في العيد كما أنه جرى العرف على التزاور في أيام إجازات الأسبوع
كالخميس فلايقال الزيارة يوم الخميس وقت الإجازة بدعة.
الوجه
الخامس / أن زيارة الأحياء من طرفين زائر ومزور فيتصور تحكم العرف
والإتفاق عليها وهي عادة كما أسلفنا فإن أحوال الطرفين مختلفة وظروف الناس
متفاوتة . أما زيارة الأموات وتذكر الآخرة فالوقت المناسب من طرف الزائر
فقط وهو تعبد محض لايتصور شرعا تخصيصه بعرف كيوم جمعة أو عيد. فتخصيص او
قاتها لمصلحة الميت غير متصور لاكمصلحة المزور الحي فإن له أوقاتا يتحرج
فيها من الزيارة ولايرفع رأسال بها ولاتسعده فتلك الزيارة للقبور غير
معقولة المعنى فهي تعبد محض وهذه الزيارة للأحياء بمراعاة الأوقات عرفا
معقولة المعنى لوجود الحرج في بعض الأوقات والشريعة تراعي ذلك فتخضع للعرف
لما أسلفنا.
الوجه الخامس / فيما يتعلق ببدعية إطالة اللحية فوق القبضة أقول
قد
جاء عن راوي الحديث وهو ابن عمر وهو الذي كان يأخذ مازاد عن القبضة في
الحج والعمرة أنه رأى رجلا طويل اللحية ولم ينكر عليه فلو كانت بدعة لأنكر
عيه قال الله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر ..الآية
وأولى
الناس بالعمل بهذه الآية الصحابة فقد ثبت في المصنف أن رجلا طويل اللحية
قال لابن عمر إني أحبك في الله فقال إني أبغضك في الله ...فلامه أصحابه
فقال لأنه يبغي في الأذان
ويأخذ عليه أجرا
الوجه السادس / أن عثمان بن عفان ثبت أنه طويل اللحية
قال الراوي ((صحيح الترغيب للألباني )) 33..
رأيت عثمان بن عفان يوم الجمعة على المنبر عليه إزار
عدني ثمنه أربعة دراهم أو خمسة وربطة كوفية ممشقة ضرب اللحم طويل اللحية حسن الوجه
قال الألباني حسن الإسناد مقطوع .
قلت وهو خليفة راشد فمن أنكر عليه لو كان تطويل اللحية بدعة ؟؟؟؟
وقد قال رسول الله عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ...الحديث
الوجه السابع / يترجح في مسألة تطويل اللحية جواز الأمرين
قال
أحمد ابن حنبل كما في السنة للخلال إرخاء كإرخاء ابن عمر فلم ينكر أحد على
ابن عمر وأبي هريرة الأخذ من اللحية وكذلك لم ينكر ابن عمر على ذلك الرجل
الذي رآه طويل اللحية وهو الذي كان يأخذ مازاد عن القبضة ولو في غير الحج
كما في سنن أبي داود وفي الحج كما في صحيح البخاري وكذلك كانت لحية عثمان
كما حسن الأثر العلامة الألباني كانت طويلة ....فجل الذي لايزل ولا يسهو
وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب ذلك القبر الذي في المدينة وهو رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول الشافعي وأجمعت الأمة من لدن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن من تبينت له سنة ليس له أن يدعها لقول أحد كائن من
كان.والحمدلله رب العالمين.
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار