1- سئل فضيلة الشيخ : عما يقول بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب ؟
فأجاب
بقوله : إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه
لا يهم – من جهة سلامة العقيدة – أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة
العربية ما دام المعنى مفهوما وسليما .
أما إذا أراد بتصحيح
الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل
تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك في قول كل شئ ما دامت
النية صحيحة بل نقول الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية .
2- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه الأسماء وهي : إبراز – ملاك – إيمان – جبريل – جنى ؟
فأجاب بقوله : لا يتسمى بأسماء أبرار ، وملاك ، وإيمان ، وجبريل أما جنى فلا أدري معناها .
3- سئل فضيلة الشيخ: عن صحة هذه العبارة :(أجعل بينك وبين الله صلة ، وأجعل بينك وبين الرسول صلة)؟
فأجاب
قائلاً : لا الذي يقول أجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له وأجعل بينك
وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ، صلة أي باتباعه فهذا حق . أما إذا أراد
بقوله أجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صلة أي اجعله هو ملجأك
عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن
الملة .
4- سئل فضيلة الشيخ عن هذا القول (أحبائي في رسول الله ؟
فأجاب
فضيلته قائلا: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحا ، يعني
: أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا
التعبير خلاف ما جاءت به السنة ، فإن الحديث ( من أحب في الله ، وأبغض في
الله ) ، فالذي ينبغي أن يقول : أحبائي في الله – عز وجل – ولأن هذا القول
الذي يقوله فيه عدول عما كان يقول السلف ، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول
الله صلى الله عليه وسلم، والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا وعن أهل
الخير هو أن يقول : أحبك في الله .
5- سئل فضيلة الشيخ إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها (إلى والدي العزيز ) أو (إلى أخي الكريم) فهل في هذا شئ ؟
فأجاب
بقوله : هذا ليس فيه شئ بل هو الجائز قال الله تعالى : )لَقَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ( (1) وقال – تعالى - :
)ولها عرش عظيم ( (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم، (عن الكريم ابن
الكريم ابن الكريم يوسف). فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله –
تعالى – ولغيره ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شئ من اتصاف المخلوق بها ،
فإن صفات الخالق تليق بها وصفات المخلوق تليق به .
وقول القائل
لأبيه أو أمه أو صديقه (العزيز) يعني أنك أبدا الصفة التي تكون لله وهي
العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز على وغال عندي وما أشبه
ذلك .
6- وسئل : عن عبارة (أدام الله أيامك) ؟
فأجاب
بقوله : قول (أدام الله أيامك ) من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام
محال مناف لقوله تعالي : )كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام ( (1) وقوله تعالى ) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ
الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ( (2).
7- وسئل ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ جلاله وصاحب الجلالة ، وصاحب السمو ؟ وأرجو وآمل ؟
فأجاب بقوله : لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك ، ولم يخشى منه الترفع والإعجاب بالنفس ، وكذلك أرجو وأمل .
8- سئل فضيلة الشيخ عن هذه الألفاظ (أرجوك ) ، (تحياتي) ، و(أنعم صباحا) ، و(أنعم مساءً) ؟
فأجاب بقوله : لا بأس أن تقول لفلان (أرجوك ) في شئ يستطيع أن يحقق رجائك به .
وكذلك
(تحياتي لك ) . و(لك منى التحية ) . وما أشبه ذلك لقوله تعالى ) وإذا
حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( (3) وكذلك (أنعم صباحا) و(أنعم
مساء)لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلا عن السلام الشرعي.
9- وسئل فضيلة الشيخ : عمن يسأل بوجه الله فيقول أسألك بوجه الله كذا وكذا فما الحكم في هذا لقول ؟
فأجاب
قائلا : وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئاً من الدنيا ويجعل سؤاله
بوجه الله – عز وجل – كالوسيلة التي يتوصل بها إلى حصول مقصوده من هذا
الرجل الذي توسل إليه بذلك ، فلا يقدمن أحد على مثل هذا السؤال ، أي لا
يقل وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك .
10- وسئل فضيلة الشيخ حفظه
الله : ما رأيكم فيمن يقول ( آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت
بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب
بقوله : أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله )
فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ،
معتصما به .
وأما قوله (واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم )
فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز
أما الاستجارة به في حياته في أمر بقدر عليه فهي جائزة قال الله – تعالى -
: )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( (4).
فالاستجارة
بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول
مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما
معناها وأنت (يا أخي ) إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه
على يدك . والله الموفق .
11- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( كال عمرك ) ؟
فأجاب
قائلا : لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء ، لأن طول البقاء قد يكون
خيراً وقد يكون شراً ، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا فلو
قال أطال بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك .
12- سئل فضيلة الشيخ: عن قول
أحد الخطباء في كلامه حول عزوة بدر : ( التقى إله وشيطان) . فقد قال بعض
العلماء أن هذه العبارة كفر صريح، لأن ظاهر العبارات إثبات الحركة لله –
عز وجل- نرجو سيادتكم توضيح ذلك ؟
فأجاب
بقوله : لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي ، وإن كان قائلها قد أراد التجوز
فإن التجوز إنما يسوغ إذ لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به . والمعني الذي لا
يليق هنا هو أن يجعل الشيطان قبيلاً لله – تعالى -، وندا له ، وقرناً
يواجهه ، كما يواجه المرء قرنه ، وهذا حرام ، ولا يجوز .
ولو أراد الناطق به تنقص الله –تعالى – وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرا ، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول
له
: هذا التعبير حرام ، ثم إن تعبيره به ظاناً أنه جائز بالتأويل الذي قصده
فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك .
وأما قول بعض العلماء الذي نقلت : (إن هذه العبارة كفر صريح ) ، فليس بجيد على إطلاقه ، وقد علمت التفصيل فيه .
وأما
تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله – عز
وجل- ، فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله ، وإن إثباتها كفر ، وفيه
نظر ظاهر ، فقد أثبت الله – تعالى – لنفسه في كتابه أنه يفعل ، وأنه يجئ
يوم القيامة ، وأنه استوى على العرش ، أي علا عليه علوا يليق بجلاله ،
وأثبت نبيه صلى الله عليه وسلم ، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليله
فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة
على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه ، ولا
محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله . وهذه النصوص في إثبات
الفعل ، والمجيء ، والاستواء ، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم
الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها ، وإن كنا لا
نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: {
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (1). كيف استوى ؟ فقال : "
الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب، والسؤال عنه
بدعة". وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله – لم يكن لنا إثبات
الحركة له بهذه النصوص ، وليس لنا أيضاً أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد
عقولنا لها ، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص ، وذلك أن صفات الله –
تعالى- توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء من الكتاب والسنة،
لامتناع القياس في حقه – تعالي -،فانه لا مثل له ولاند ،وليس في الكتاب
والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه ، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على
الله بلا علم. وقد قال الله ـ تعالى _:)قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر
منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق أن تشركوا بالله ما لم ينزل به
سلطان وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ( (2) وقال تعالى _:)ولا تقف ما
ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا( (3).فإن
كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله _تعالى _أو نفيها عنه ، فكيف
نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهرهم _حسب زعم هذا العالم –التحرك لله
–تعالى-؟! أو تكفير المسلم ليس بالأمر الهين ، فإن من دعاء رجلاً بالكفر
وقد باء بها أحدهما ، فإن كان المدعو كافرا باء بها ، وإلا باء بها الداعي
.
وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله – في كثير من
رسائله في الصفات على مسألة الحركة ، وبين أقوال الناس فيها ، وما هو الحق
من ذلك ، وأن من الناس من جزم بإثباتها ، ومنهم من توقف ، ومنهم جزم
بنفيها .
والصواب في ذلك : إنما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال
الله – تعالى - ، ولوازمه فهو حق ثابت يجب الإيمان به ، وليس فيه نقص ولا
مشابهة للحق ، عليك بهذا الأصل فإنه يفيدك ، وأعرض عنه ما كان عليه أهل
الكلام ومن الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها
ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه ، سواء النية صالحة أو سيئة .
13- وسئل فضيلته:يستعمل بعض
الناس عند أداء التحية عبارات عديدة منها:( مساك الله بالخير). و(الله
بالخير) . و(صبحك الله بالخير ). بدلا من لفظ التحية الواردة ، وهل يجوز
بالسلام بلفظ : (عليك السلام) ؟ .
فأجاب
قائلا : السلام الوارد هو أن يقول الإنسان : ( السلام عليك ) ، أو ( سلام
عليك) ، ثم يقول بعد ذلك ما شاء الله من أنواع التحيات ، وأما ( مساك الله
بالخير ) . و ( صبحك الله بالخير ) ، أو ( الله بالخير ) . وما أشبه ذلك
فهذه تقال بعد السلام المشروع بهذا فهو خطأ .
أما البدء بالسلام بلفظ ( عليك السلام ) فهو خلاف المشروع ، لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة .
14- وسئل: عن هذه الكلمة (الله غير مادي) ؟ .
فأجاب:
القول بأن الله غير مادي قول منكر ، لأن الحوض في مثل هذا بدعة منكرة ،
فالله – تعالى – ليس كمثله شئ ، فهو الأول الخالق لكل شئ وهذا شبيه بسؤل
المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم ، هل من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا
؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله : )قل هو الله
الأحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (. فكف عن هذا ما
لك ولهذا السؤال .
15- سئل فضيلته : عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم ( الله ما يضرب بعصا ) ؟ .
فأجاب
بقوله : لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله – عز وجل- ،
ولكن له أن يقول : إن الله – سبحان وتعالى - ، حكم لا يظلم أحد ، فإنه
ينتقم من الظالم ، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية ،
أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى إنها جائزة .
16- سئل فضيلة الشيخ : كثيرا
ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة (الله ) ، وبجانبها لفظ محمد صلى
الله عليه وسلم أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب،أو على بعض المصاحف
فهل موضعها هذا صحيح ؟.
فأجاب
قائلا : موقعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ، نداً
لله مساوياً له ، ولو أن أحدا رأي هذه الكتابة وهو لا يدري المسمى بهما
لأيقن يقيناً أنمما متساويات متماثلات ، يجب إزالة اسم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ويبقى النظر في كتابة : (الله) وحدها فإنها كلمة يقولها الصوفية
، يجعلونها بدلا عن الذكر ، يقولون ( الله الله الله ) ، وعلى هذا فلتقى
أيضا ، ولا يكتب ( الله ) ، ولا (محمد ) على الجدران ، ولا على الرقاع ولا
في غيره .
17- سئل فضيلة الشيخ : كيف
نجمع بين قول الصحابة ( الله ورسوله أعلم ) العطف بالواو وإقرارهم على ذلك
وإنكاره صلى الله عليه وسلم ، على من قال ( ما شاء وشئت ) ؟ .
فأجاب
بقوله : قوله (الله ورسوله ) جائز . فذلك لأن علم الرسول من علم الله ،
فالله – تعالى – هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو وكذلك
في المسائل الشرعية يقال : ( الله ورسوله أعلم ) لأنه ، صلى الله عليه
وسلم أعلم الخلق بشريعة الله ، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال
الله – تعالى - : )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم (
(1). وليس هذا كقوله ( ما شاء الله وشئت ) لأن هذا في باب القدرة والمشيئة
، ولا يمكن أن يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مشاركا لله فيها .
ففي الأمور الشرعية يقال ( الله ورسوله أعلم ) وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك .
ومن
هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال )وقل أعملوا فيسرى الله
عملكم ورسوله( (1) . لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى العمل بعد موته
.
18- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة (أعطي الله لا يهينك ) ؟ .
فأجاب
فضيلته بقوله : هذه العبارة صحيحة ، والله سبحانه و تعالى – قد يهين العبد
ويذله ، وقد قال الله – تعالى- في عذاب الكفار : إنهم يجزون عذاب الهون
بما كانوا يستكبرون في الأرض ، فأذاقهم الله الهوان والذي بكبريائهم
واستكبارهم في الأرض بغير الحق . وقال : ) ومن يهن الله فما له من مكرم(
(1). والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهو أن لك فيقول : (الله
لا يهينك ) .
19- وسئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة (الله يسأل عن حالك ) ؟ .
فأجاب
بقوله : هذه العبارة : (الله يسأل عن حالك) ، لا تجوز لأنها أن الله –
تعالى – يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل ، وهذا من المعلوم أنه أمر عظيم ،
والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شئ ، ويحتاج إلى
سؤال ،لكن هذه العبارات قيد تفيد هذا المعنى ، أو توهم هذا المعنى ،
فالواجب العدول عنها ، واستبدالها بأن تقول : ( أسأل الله أن يتفي بك ) ،
و( أن يلطف بك ) ، وما أشبهها .
20- وسئل : هل يجوز على الإنسان أن يقسم على الله ؟ .
فأجاب
بقوله : الأقسام على الله أن يقول الإنسان والله لا يكون كذا، كذا ، أو
والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان :
أحدهما :
أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله – عز وجل- وقوة إيمانه به مع
اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه
وسلم : "رُب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" ودلل آخر
واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سنّا لجارية من
الأنصار فطالب أهلها بالقصاص
فطلب إليهم العفو فأبوا ، فعرضوا
الأرش فأبوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقال أنس بن النضر أتكسر ثنيّة
الربيع ؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) وهو – رضي
الله عنه – لم يقسم اعتراضاً على الحكم وإباء لتنفيذه فجعل الله الرحمة في
قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها فعفو عفواً مطلقاً ، عند ذلك قال
الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله
لأبره) فهذا النوع من الأقسام لا بأس به .
النوع الثاني : من
الإقسام على الله : ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق
على الله كذا وكذا ، فهذا والعياذ بالله محرم ، وقد يكون محبطاً للعمل ،
ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاص لله ، وكلما مر به نهاه
فلم ينته ، فقال ذات يوم والله لا يغفر الله لفلان – نسأل الله العافية –
فهذا تحجر رحمه الله ؛ لأنه مغرور بنفسه فقال الله – عز وجل – " من ذا
الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك " قال أبو هريرة :
( تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) . ومن هذا نأخ أن من أضر ما يكون على
الإنسان اللسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله
عنه-:(ألا أخبرك بملاك ذلك كله ) قلت:بلى يا رسول ا لله ، فأخذ النبي صلى
الله عليه وسلم بلسانه فقال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟.
فقال
: " ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على
مناخرهم إلا حصاد ألسنتهم". والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط .
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
المناهي اللفظية للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله |
21- وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام ؟ .
فأجاب
قائلاً : التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي صلى
الله عليه وسلم ، سمي إمام المسجد إماماً ولو لم يكن معه إلا واحد ، لكن
ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة ( إمام) إلا على من كان قدوة وله اتباع
كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام ، ووصف الإنسان بما لا يستخدمه
هضم للأمه ، لان الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن يبلغ منزلة
الإمامة هان الإمام الحق في عينه .
22- سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين ؟ .
فأجاب
فضيلته بقوله : هذا حرام ، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين ، لأم
مقتضاه أن يكون هو نبي لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هنّ زوجات النبي صلى
الله عليه وسلم ، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد
النبي ؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات ، وأن يستغفر
الله – تعالى – مما جرى منه .
23- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول ( يا عبدي) و ( يا أمتي) ؟ .
فأجاب : قول القائل : (يا عبدي) ، ( يا أمتي) ، ونحوه له صورتان :
الصورة
الأولى : إن يقع بصيغة النداء مثل : يا عبدي ، يا أمتي ؛ فهذا لا يجوز
للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم ، : " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي " .
الصورة الثانية : أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين :
القسم الأول : إن قاله بغيبة العبد ، أو الأمة فلا بأس فيه .
القسم
الثاني : إن قاله في حضرة العبد أو الأمة ، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق
بالعبد أو السيد منه وإلا فلا ، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي
الذل ، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي . وذكره
صاحب فتح الباري عن مالك .
24- وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان أنا حرّ ؟ .
فأجاب
بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله – عز وجل –
فقد أساء في فهم العبودية ، ولم يعرف معنى الحرية ، لأن العبودية لغير
الله هي الرق ، أما عبودية المرء لربه – عز وجل – فهي الحرية، فإنه إن لم
يذل لله ذل لغير الله ، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه
متجرد من طاعة الله ، ولن يقوم بها .
25- سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه (أنا حر في تصرفاتي) ؟ .
فأجاب
بقوله: هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله ، بل إنك إذا عصيت ربك
فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوي.
26- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان : (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا ينبغي لوجوه :
الأول:أن
الله – تعالى – إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله –
تعالى-:) ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير((1).
وقوله:) ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ((2) . وقوله : ) ألم تعلم أن
الله له ملك السموات والأرض ( (3). وقوله : ) ولله ملك السموات والأرض وما
بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير ( (4). فعمم في الملك والقدرة ،
وخص الخلق بالمشيئة ، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم
يشأ ، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأ لم يقع والآيات في ذلك كثيرة .
الثاني
: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه
وسلم،وأتباعه فقد قال الله عنهم :) يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا
معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر
لنا إنك على كل شئ قدير ( (1). ولم يقولوا (إنك على ما تشاء قدير ) ، وخير
الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً .
الثالث
: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله – تعالى – فقط ،
لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتي به في الغالب سابقاً حيث يقال: (على ما يشاء
قدير) وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة
وشواهده من الكتاب والسنة واللغة ، وإذا خصت قدره الله – تعالى – بما
يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها فتكون قدرة الله –
تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه ، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله –
تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشاءه ، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه ، وما
لم يشأه فلا يمكن وقوعه .
فإذا تبين أن وصف الله – تعالى –
بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله – تعالى – بالقدرة لا
يقيد بالمشيئة يعارضه قول الله – تعالي - : ) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير
( (1) . فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع
إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى
شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين
الذي قال الله – تعالى – عنهم : ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان
حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ، قل الله يحييكم ثم
يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون (
(1). فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من
البعث ، بين الله – تعالى – أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع
إلا بمشيئة ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله – تعالى - :
) زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم
وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما
تعملون خبير يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ( (2). والحاصل أن
قوله – تعالى - : ) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ( . لا يعارض ما قررناه
من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع .
وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب(الإيمان ) في (باب آخر أهل
النار خروجاً ) من حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم:( آخر من يدخل رجل ) فذكر الحديث وفيه أن الله – تعالى
– قال للرجل : " إني لا استهزئ منك ولكني على ما شاء قادر " وذلك لأن
القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقدير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد
المشيئة ، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله – تعالى –
أذلا وأبدلاً ، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل ( قادر) دون الصفة المشبهة (
قدير )
على هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستعبد قالوا قادر
على ما يشاء ، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله – تعالى
– فلا يقيد بالمشيئة ، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع ولا مانع من تقيدها
بالمشيئة ، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة ، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك
الواقع وتقدير وقوعه ، والله – سبحانه – أعلم .
27- سئل فضيلة الشيخ: قول القائل ( أنا مؤمن إنشاء الله ) يسمى عند العلماء ( مسألة الاستثناء في الإيمان ) وفيه تفصيل:
أولا : إن كان الاستثناء صادرا عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا محرم بل كفر ؛ لأن الإيمان جزم والشك ينافيه .
ثانيا: إن كان صادراً عن خوف تذكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولا وعملا واعتمادا ، فهذا واجب خوفا من المحذور .
ثالثاً
: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن
ما قام بقلبه من الإيمان بمشية الله، فهذا جائز التعليق على هذا الوجه –
أعني بيان التعليل – لا ينافي تحقيق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا
الوجه في الأمور المحققة كقوله – تعالى - : ) لتدخلن المسجد الحرام إنشاء
الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون ( (1). والدعاء في زيارة
القبور ( وإنا إنشاء الله بكم لاحقون ) وبهذا عرف انه لا يصح إطلاق الحكم
على الاستثناء في الإيمان بل لابد من التفصيل السابق .
28- سئل فضيلة الشيخ: عن قول ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمه الله ) ؟ .
فأجاب
بقوله : قول (فلان المرحوم ) أو ( تغمده الله برحمته ) لا بأس بها ، لأن
قولهم ( المرحوم ) من باب التفاؤل والرجاء ، وليس من باب الخبر ، وإذا كان
من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به .
وأما ( أنتقل إلى رحمه الله
) فهو كذلك فيما يظهر لي إنه من باب التفاؤل، وليس من باب الخبر ، لأن مثل
من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به ، وكذلك لا يقال ( انتقل إلى الرفيق
الأعلى ) .
29- سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة ( لكم تحياتنا ) وعبارة ( اهدي لكم تحياتي) ؟
فأجاب
قائلا : عبارة (لكم تحياتنا ، وأهدي لكم تحياتي ) ونحوهما من العبارات لا
بأس بها قال الله – تعالي ) إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها (
(1) . والتحية من شخص لآخر جائزة ، وأما التحيات المطلقة العامة فهي لله ،
كما أن الحمد لله ، والشكر لله ، ومع هذا فيصح أن نقول حمدت فلان على كذا
وشكرته على كذا قال الله – تعالى- : ) أ ن أشكر لي لوالديك ( (2) .
30-
سئل فضيلة الشيخ: يقول بعض الناس:(أوجد الله كذا)، فما مدى صحتها؟ وما
الفرق بينها وبين : (خلق الله كذا ) أو ( صور الله كذا ) ؟ .
فأجاب
بقوله : أوجد أو خلق ليس بينهما فرق ، فلو قال : أوجد الله كذا كانت بمعنى
خلق الله كذا ، وأما صور فتختلف لأن التصوير عائد إلى الكيفية لا إلى
الإيجاد .
31- سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بالإيمان ؟ .
فأجاب
بقوله : الذي أرى أن اسم إيمان فيه تذكية وقد صح عن النبي صلي الله عليه
وسلم ، أنه غير اسم ( بره ) خوفا من التذكية ففي صحيح البخاري عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن زينب كان اسمها بره فقيل تذكي نفسها فسماها رسول
الله صلي الله عليه وسلم ، زينب ( 10 / 575 الفتح ) ، وفي صحيح المسلم (
3/1687 ) عن ابن عباس – رضي الله عنهما قال كانت جويرية اسمها بره وحول
النبي صلي الله عليه وسلم اسمها جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند بره
، وفيه أيضا ص 1638 عن محمد بن عمر ابن عطاء قال سميت بنتي بره فقالت لي
زينب بنت أبي سلمة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، نهي عن هذا الاسم
وسميت بره فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " لا تذكوا أنفسكم الله أعلم
بأهل البر منكم " فقالوا : بمن نسميها ؟ قال : ( سموها زينب ) فبين النبي
صلي الله عليه وسلم وجه الكراهة للاسم الذي فيه التذكية وإنها من وجهين :
الأول : أنه يقال خرج من عند بره وكذلك يقال خرج من بره .
والثاني : التذكية والله أعلم منا بمن هو أهل التذكية .
على
هذ ا ينبغي اسم إيمان لأن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عما فيه تذكية ،
ولا سيما إذا كان اسما لامرأة لأنه للذكور أقرب منه للإناث لأن كلمة (
إيمان ) مذكرة ..
32- سئل فضيلته : عن التسمي بالإيمان ؟ .
فأجاب
بقوله : اسم إيمان يحمل نوعاً من التذكية وبهذا لا تنبغي التسمية به لأن
النبي صلي الله عليه وسلم ، غير اسم بره لكونه دالا على التذكية ،
والمخاطب في ذلك هم الأولياء الذين يسمون أولادهم بمثل هذه الأسماء التي
تحمل التذكية لمن تسمي بها ، أما من كان علما مجردا لا يفهم منه التذكية
فهذا لا بأس به ولهذا نسمي بالصالح والعلي وما أشبهما من الأعلام المجردة
التي لا تحمل معنى التذكية .
33- سئل فضيلة الشيخ : ما حكم هذه الألقاب ( حجة الله) ( حجة الإسلام) ( أية الله) ؟ .
فأجاب
بقوله : هذه الألقاب ( حجة الله) ( حجة الإسلام) ألقاب حادثة لا تنبغي
لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل . وأما (آية الله ) فإني لا أريد
المعنى الأعم وهو يدخل في كل شئ :
وفي كل شئ له آية .. تدل على أنه واحد .
وإن أريد لانه آية خارقة بهذا لا يكون إلا على أيدي الرسل ، لكن يقال عالم ، مفتي ، قاضي ، حاكم ، إمام ، لمن كان مستحقا لذلك .
34- سئل الشيخ : عن هذه العبارات : ( باسم الوطن ، باسم الشعب ، باسم العروبة ) ؟ .
فأجاب
قائلا : هذه العبارات إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبر عن العرب أو
يعبر عن أهل البلد فهذا لا بأس به ، وأن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من
الشرك ، وقد يكون شركا أكبر بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بمن
استعان به .
35- سئل فضيلته : هل هذه العبارة صحيحة ( بفضل فلان تغير هذا الأمر ، أو بجهدي صار كذا ) ؟ .
فأجاب
الشيخ بقوله : هذه العبارة صحيحة إذا كان للمذكور أثر في حصوله ، فإن
الإنسان له الفضل على أخيه إذا احسن إليه ، فإذا كان الإنسان في هذا الأمر
أثر حقيقي فلا بأس أن يقال : هذا بفضل فلان ، أو بجهود فلان، أو ما أشبه
ذلك ، لأن إضافة الشيء إلى سببه المعلوم جائزة شرعا وحساً ، ففي صحيح مسلم
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في عمه أبي طالب : " لو لا أنا لكان
في الدرك الأسفل من النار " . وكان أبو طالب يعذب في نار جنهم في ضحضاح من
نار ، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه ، وهو أهون أهل النار عذاباً –
والعياذ بالله – فقال صلي الله عليه وسلم : " لو لا أنا لكان في الدرك
الأسفل من النار " .
أما إذا أضاف الشيء إلى السبب وليس بصحيح
فإن هذا لا يجوز ، وقد يكون شركا ، كما لو أضاف حدوث أمر لا يحدثه إلا
الله إلى أحد من المخلوقين ، أو أضاف شيئا إلى أحد من الأموات أنه هو الذي
جلبه له فإن هذا من الشرك في الربوبية .
36- سئل فضيلة الشيخ:عن حكم قول : ( البقية في حياتك ) ، عند التعزية ورد أهل الميت بقولهم:( حياتك الباقية) ؟ .
فأجاب
فضيلته بقوله : لا أرى فيها مانعاً إذا قال الإنسان ( البقية في حياتك )
لا أري فيها مانعا ، ولكن الأولى أن يقال إن في الله خلق من كل هلاك ،
أحسن من أن يقال ( البقية في حياتك ) ، كذلك الرد عليه إذا غير المعزي هذا
الأسلوب فسوف يتغير الرد .
37- وسئل حفظه الله تعالي:عن حكم ثناء الإنسان على الله تعالي بهذه العبارة ( بيده الخير والشر ) ؟ .
فأجاب
بقوله : أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به سبحانه على نفسه أو
اثني به عليه أعلم الناس به نبيه محمد صلي الله عليه وسلم ، والله – عز
وجل – لم يثن على نفسه وهو يتحدث عن عموم ملكه وتمام سلطانه وتصرفه أن
بيده الشر كما في قوله تعالي - : ) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ
إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( (1) . فأثنى سبحانه على نفسه بأن
بيده الخير في هذا المقام الذي قد يكون شرا بالنسبة لمحله وهو الإنسان
المقدر عليه الذل ، ولكنه خير بالنسبة إلى فعل الله لصدوره عن حكمة بالغة
، ولذلك أعقبه بقوله ) بيدك الخير ( وهكذا كل ما يقدره الله من شرور في
مخلوقاته هي شرور بالنسبة لمحالها ، أما بالنسبة لفعل الله – تعالى – لها
وإيجاده فهي خير لصدورها عن حكمة بالغة ، فهناك فرق بين فعل الله – تعالى
– الذي هو فعله كله خير ، وبين مفعولاته ومخلوقاته البائنة عنه ففيها
الخير والشر ، ويزيد الأمر وضوحا أن النبي صلي الله عليه وسلم ، أثنى على
ربه تبارك وتعالى بأن الخير بيده ونفي نسبة الشر إليه كما في حديث علي ،
-رضي الله عنه - ، الذي رواه مسلم وغيره مطاولاً وفيه أنه ، صلي الله عليه
وسلم ، كان يقول إذا قام إلى الصلاة : " وجهت وجهي للذي فطر السموات
والأرض " إلى أن قال : " لبيك وسعديك ، والخير كله في يديك والشر ليس إليك
" فنفي صلي الله عليه وسلم أن يكون الشر إلى الله تعالى ، لأن أفعاله وأن
كانت شراً بالنسبة إلى محالها ومن قامت به ، فليست شراً بالنسبة إليه –
تعالى – بصدورها عن حكمة بالغة تتضمن الخير ، وبهذا تبين أن الأولى بل
الأوجب في الثناء على الله وأن تقتصر على ما أثنى به على نفسه وأثنى به
عليه رسوله صلي الله عليه وسلم ، أعلم الخلق به فنقول : بيده الخير ونقتصر
على ذلك كما هو في القرآن الكريم والسنة .
38- سئل فضيلة الشيخ : عن قول العامة ( تباركت علينا؟ ) ( زارتنا البركة ؟ ) .
فأجاب
قائلا : قول العامة ( تباركت علينا ) لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة
إلى الله – عز وجل – وإنما يريدون أصابنا بركة من مجي ، والبركة يصح
إضافتها إلى الإنسان ، قال أسيد إلى حبير لما نزلت آية التيمم بسبب عقد
عائشة الذي ضاع منها قال : " ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر " .
وطلب البركة لا يخلو من أمرين :
الأمر
الأول : أن يكون طلب البركة بأمر شرعي معلوم مثل القرآن الكريم قال الله –
تعالى - : ) وهذا كتاب أنزلناه مباركاً ( (1) فمن بركته أن من أخذ به
وجاهد به حصل له الفتح ، فأنقذ الله به أمما كثيرة من الشرك ، ومن بركته
أن الحرف الواحد بعشرة حسنات وهذا يوفر للإنسان الجهد والوقت .
الأمر
الثاني :أن يكون طلب البركة بأمر حسي معلوم ، مثل العلم فهذا الرجل يتبرك
به بعلمه ودعوته إلى الخير، قال أسيد ابن حبير ( ما هذه بأول بركتكم يا آل
أبي بكر ) فإن الله قد يجري على أيدي بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه
على يد الآخر .
وهناك بركات موهومة باطلة مثل ما يعزم به
الدجالون أن فلاناً الميت الذي يذعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته وما
أشبه ذلك ، فهذه البركة باطلة لا أثر لها ، وقد يكون للشيطان أثر في هذا
الأمر لكنها لا تعدوا أن تكون آثاراً حسية بحيث أن الشيطان يخدم هذا الشيخ
فيكون في ذلك فتنة .
أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة ؟
فيعرف
ذلك بحال الشخص ، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة
المبتعدين عن البدع فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة ما يحصل
لغيره ، أما إن كان مخالفا للكتاب والسنة ، أو يدعو إلى الباطل فإن بركته
موهومة ، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله .
39- سئل فضيلة الشيخ : عن إطلاق عبارة (كتب التراث) على كتب السلف ؟ .
فأجاب بقوله : الظاهر أنه صحيح ، لأنه معناهم الكتب الموروثة عن من سبق . ولا أعلم في هذا مانعاً .
40- سئل فضيلة الشيخ : هل في الإسلام تجديد تشريع ؟
فأجاب
بقوله : من قال : إن في الإسلام تجديد تشريع في الواقع خلافهم ؛ فالإسلام
كمل بوفاة النبي صلي الله عليه وسلم ، والتشريع انتهى بها . نعم الحوادث
والوقائع تتجدد ، ويحدث في كل عصر ومكان ما لا يحدث في غيره ، ثم ينظر
فيها بالتشريع ، ويحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة . ويكون هذا الحكم من
التشريع الإسلامي الأول، ولا ينبغي أن يسمى تشريعا جديدا ؛ لأنه هضم
للإسلام ، ومخالف للواقع ، ولا ينبغي أيضاً أن يسمى تغيير للتشريع ، لما
فيه من كسر سياج حرمة الشريعة ، وهيبتها في النفوس أو تعريضها لتغير لا
يسير على ضوء الكتاب والسنة ولا يرضيه أحد من أهل العلم والإيمان .
أما إذا كان الحكم على الحادثة ليس على ضوء الكتاب والسنة ، فهو تشريع باطل ؛ ولا يدخل تحت التقسيم في التشريع الإسلامي .
ولا
يرد على ما قلته إمضاء عمر – رضي الله عنه – لطلاقه الثلاث ، مع أنه كان
واحدة لمدة سنتين من خلافته، ومدة عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، وعهد
أبي بكر ، لأن هذا من باب التعذير بإلزام المرء مع التزامه لذا قال عمر –
رضي الله عنه - :(أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت له فيه إناء فلو
أمضيناه عليهم ). فإمضاءه عليهم ، وباب التعذير واسع في الشريعة ، لأن
المقصود به التقويم والتأديب .
41- وسئل : عن حكم قوله : تدخل القدر ؟ وتدخلت عناية الله ؟
فأجاب
قائلا : قولهم ( تدخل القدر) لا تصلح لأنها تعني أن القدر اعتدى بالتدخل
وأنه كالمتطفل على الأمر ، مع أنه أي القدر هو الأصل فكيف يقال تدخل ؟
والأصح أن يقال : ولكن نزل القضاء والقدر أو اغلب القدر أو نحو ذلك ، ومثل
ذلك ( تدخلت عناية الله ) الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله ، أو أقضت
عناية الله .
42- وسئل : عن حكم التسمي بأسماء الله مثل كريم ، وعزيز ونحوهما ؟
فأجاب بقوله : التسمي بأسماء الله – عز وجل – يكون على وجهين :
الوجه الأول : وهو على قسمين :
القسم
الأول : أن يحلى بـ ( ال ) ففي هذه الحال لا يسمي به غير الله – عز وجل -
(1) كما لو سميت أحداً بالعزيز ، والسيد ، والحكيم ، وما أشبه ذلك فإن هذا
يسمى به غير الله لان ( ال) هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه
هذا الاسم .
القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلي
بـ ( ال ) فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي
الحكم التي تكنى بها ؛ لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي ، صلى الله
عليه وسلم " إن الله هو الحكيم وإليه الحكم " ثم كناه بأكبر أولاده شريح
فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك المعنى
الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع لأن هذه التسمية تكون مطابقة
تماماً لاسماء الله – سبحانه وتعالى – وإن أسماء الله – تعالى – أعلام
وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم .
الوجه الثاني :
أن يتسمى غير محلي بـ ( ال) وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به
مثل حكيم ومن الأسماء بعض الصحابة حكيم ابن حزام الذي قال له النبي صلى
الله عليه وسلم، " لا تبع ما ليس عندك " وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد
بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به .
لكن في مثل ( حبار ) لا
ينبغي أن يتسمى وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه لا يأثر في نفس المسمى
فيكون معه جبروت وغلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر
على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم .
43- وسئل : عن حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم ؟
فأجاب
بقوله : لا يجوز أن يسمي الإنسان بهذه الأسماء بشرط إلا يلاحظ فيها المعنى
الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط ، ومن أسماء الصحابة الحكم ، وحليم
ابن حزام وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر ، أما إذا لوحظ فيه
المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى
الله عليه وسلم غير اسم أبى الحكم الذي تكني به ؛ لكون قومه يتحاكمون
إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله هو الحكم وإليه الحكم "
ثم كناه بأكبر أولاده شريح وقال له : " أنت أبو الشريح " وذلك لأن هذه
الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم فكان هذا مماثلا
لاسماء الله – سبحانه وتعالى – لأن أسماء الله – عز وجل – ليست مجرد أعلام
بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله – سبحانه وتعالى – وأوصاف من حيث
دلالتها على المعنى الذي تتضمنه ، أما أسماء غيرهم – سبحانه وتعالى –
فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها أعلام
وأوصاف، وكذلك أسماء كتب الله – عز وجل – فهي أعلام وأوصاف أيضاً .
44- وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم ثناء الإنسان على نفسه ؟
فأجاب
قائلا : الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله – عز وجل
– أو أن يتأسى بها غيره من أقرانه ونظائره فهذا لا بأس به ، وإن أراد
الإنسان تذكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه – عز وجل – فإنه هذا فيه شئ من
المنة ولا يجوز فقد قال الله – تعالى - : ) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ
أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ
عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( (1) .
من أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تتركه .
فالأحوال
إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع : الحالة الأولى
أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات .
الحالة الثانية : أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظائره على مثل ما كان عليه .
فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة .
الحالة
الثالثة : أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله – عز وجل- بما
هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية .
الحالة الرابعة:أن يريد بذلك مجرد الخبر أن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه
45- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ( يا حاج ) ، و ( السيد فلان ) ؟
فأجاب
بقوله:قول (حاج ) يعني أد الحج لا شئ فيها . وأما السيد فيظهر إن كان
صحيحا أنه ذو زيادة فيقال : هو سيد بدون الـ فلا بأس به ، بشرط ألا يكون
فاسقا ولا كافراً ، فإن كان فاسقا أو كافرا فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد
إلا مضافا إلى قومه ، مثل سيد بنى فلان ، أو سيد الشعب فلان ونحو ذلك .
46- وسئل أيضاً:عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم ( حرام عليك أن تفعل كذا وكذا) ؟
فأجاب
بقوله : هو الذي وصفه بالتحريم إما أن يكون ما حرم الله كما لو قالوا حرام
أن يعتدي الرجل على أخيه أو أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح
مطابق لما جاء به الشرع .
وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا
يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً ؛ لأن ذلك قد يوهمه تحريم ما أحل الله
–عز وجل – أو يوهم الحجر على الله – عز وجل – في قضاءه وقدره بحيث يقصدون
بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدريا ويكون شرعيا فيما يتعلق
بفعل الله – عز وجل – وإنه يكون تحريماً قدرياً ، وما يتعلق بشرعه فإنه
يكون تحريما شرعيا على هذا فينهى هؤلاء على إطلاق مثل هذه الكلمة ولو
كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي ، لأن التحريم القدري ليس إليه أيضا
بل هو إلى الله – عز وجل – هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما يشاء وأن يحدث
ويمنع ما شاء أن يمنعه ، فالمهم أن الذي أرى أنه يتنزهون عن هذه الكلمة
وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شئ صحيحاً . والله الموفق .
47- سئل فضيلة الشيخ : قلتم في الفتوى رقم (46) أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً فنأمل من سيادتكم التكرم ببيان بعض الأمثلة ؟
فأجاب بقوله : سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم (46) من أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم :
فمن التحريم القدري قوله – تعالى – في موسى : .
)وحرمنا عليه المراضع من قبل((1) . وقوله – تعالي : ) وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( (2)
ومن
التحريم الشرعي قوله – تعالى - : ) حرمت عليكم أمهاتكم ( (3) . وقوله –
تعالى - ) قل لا أجد فيما أوحي إلىّ محرما على طاعم يطمعه إلا أن يكون
ميتة ( (4) الآية .
48- وسئل فضيلة الشيخ : نسمع ونقرأ كلمة (حرية الفكر) ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد ، فيما تعليقكم على ذلك ؟
فأجاب
بقوله : تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون للإنسان حر الاعتقاد ،
يعتقد ما شاء من الأديان فإن كافر ، لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن
يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كافر بالله – عز وجل –
يستتاب فإنه تاب وإلا وجب قتله .
والأديان ليست أفكاراً ، ولكنها
وحي من الله – عز وجل – ينزله على رسله ، ليسير عبادة عليه ، وهذه الكلمة
– أعني كلمة – فكر الإسلامية ، التي يقصد بها الدين . يجب أن تحذف من
قواميس الكتب الإسلامية ، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد ، وهو أن يقال
عن الإسلام : فكر ، والنصرانية فكر ، واليهودية فكر – وأعني بالنصرانية
التي يسميها أهلها بالمسيحية – فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار
أرضية يعتنقها من شاء من الناس ، والواقع أن الأديان السماوية أديان من
عند الله – عز وجل – يعتقدها الإنسان على أنها من البشر وهي من الله تعبد
بها عبادة ، ولا يجوز أن يطلق عليها ( فكر ) . وخلاصة الجواب : أن من
يعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر
بالله – عز وجل – لأن الله – تعالى – يقول : ) ومن يبتغي غير الإسلام
ديناً فلن يقبل منه ( (1) . فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام
جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه
كافر كفراً مخرجاً عن الملة .
49- سئل فضيلة الشيخ : هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي ما حكم الإسلام في كذا وكذا ؟ أو ما رأي الإسلام ؟
فأجاب
بقوله : لا ينبغي أن يقال (ما حكم الإسلام في كذا ) أو ( ما رأي الإسلام
في كذا ) فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام ، لكن لو كان الحكم
نصاً صريحاً فلا بأس أن يقال : ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول : حكم
الإسلام في أكل الميتة أنها حرام .
50- سئل فضيلة الشيخ : عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق ؟
فأجاب
بقوله : الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق ، وليس فيه
عندهم عيب ، لأنه تعريف بحقيقة الإنسان ، لكنه في العرف قول يعتبر قدحاً
في الإنسان ، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عامياً فإن العامي سيعتقد أن هذا
قدحاً فيه ، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب بها العامي ؛ لأن كل شئ يسئ إلى
المسلم فهو حرام ، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة
، فإن هذا لا حرج فيه ، لأن الإنسان لا شك أن حيوان باعتبار أنه فيه حياة
، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق . ولهذا قالوا
: إن كلمة (حيوان )