لولا كرب الشدة ؛ ما رُجِيتْ ساعاتُ الراحة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




من نزلت به بليَّة، فأراد
تمحيقها؛ فليتصورها أكثر مما هي؛ تَهُن، ولْيتخايل ثوابها، وليتوهَّم نزول
أعظم منها؛ يَرَ الربح في الاقتصار عليها، وليتلمَّح سرعة زوالها؛ فإنه
لولا كرب الشدة؛ ما رُجِيتْ ساعاتُ الراحة، وليعلمْ أنَّ مدة مقامها عنده
كمدة مقام الضيف؛ فليتفقَّد حوائجه في كلِّ لحظة، فيا سرعة انقضاء مقامه!
ويا لذة مدائحه وبشرِهِ في المحافل، ووصف المضيف بالكرم!
فكذلك المؤمن
في الشدة ينبغي أن يراعي الساعات، ويتفقَّد فيها أحوال النفس، ويتلمَّح
الجوارح؛ مخافة أن يبدو من اللسان كلمة، أو من القلب تسخُّط، فكأنْ قد لاح فجر الأجر، فانجاب ليل البلاء، ومُدِح الساري بقطع الدُّجي؛ فما طلعت شمس الجزاء، إلَّا وقد وصل إلى منزل السلامة.



(صيد الخاطر) للإمام: ابن الجوزي رحمه الله.