بسم
الله الرحمن الرحيم وبعد لعل من أهم النظريات العلمية التي تفسر نشوء
الماء وتكونه وهي النظرية الأكثر قبولاً من الناحية العلمية والعملية
وتتلخص في أن الأرض في بداية خلقها كانت تقذف بالحمم المنصهرة من داخلها،
هذه الحمم عندما تنطلق في الغلاف الجوي فإنها تصدر ملايين الأطنان من بخار
الماء الساخن الذي يرتفع في الجو حتى يلامس طبقات الجوّ العليا ليتبرد
ويتكثف ويهطل على شكل أمطار غزيرة.
إذن
الماء الذي على الأرض نشأ أساساً من باطن الأرض، أي أن الله تعالى قد أخرج
ماء الأرض منها، وهنا يتجلى البيان الإلهي ليخبرنا بحقيقة هذا الأمر في
قول الحق تعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم) [النازعات:30-33].
وتأمل
معي تسلسل الأحداث الكونية في هذه الآيات، ففي البداية كانت الأرض جرماً
ملتهباً انفصل عن الشمس وبدأ بالدوران حولها، إن دوران الأرض وابتعادها عن
الشمس ودحيها حتى أخذت شكلها الكروي هو ما حدثنا عنه القرآن في قوله
تعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها)
وفي هذه الآية دليل على كروية الأرض أيضاً، فكلمة (دحى) جاءت من الاستدارة
وتحديداً استدارة البيضة. وأثناء عملية التبريد والدوران للأرض بدأ بخار
الماء ينطلق من الحمم المنصهرة المقذوفة من باطن الأرض وهذا ما تحدث عنه
القرآن بـ (أخرج منها ماءها ومرعاها).
فالماء
خرج من الأرض أثناء رحلة تبريدها وفي هذه المرحلة بدأت بدايات الحياة على
ظهر الأرض من خلال إخراج النباتات التي ستكون مراعي للحيوانات. ولكن
الجبال لم تكن قد تشكلت فهي في بداية تشكلها، فتشكل الجبال استغرق آلاف
الملايين من السنين!
وعندما
بدأت الأرض بالتبرد بدأت القشرة الأرضية بالتشكل وبدأت هذه القشرة بالحركة
لأنها تقوم أساساً على حمم منصهرة (آلاف الدرجات من الحرارة)! ونتج عن
حركة أجزاء القشرة الأرضية اصطدام أجزاء هذه القشرة بعضها ببعض وبروز
الجبال ولكن هذه الجبال لها جذور تمتد لآلاف الأمتار في القشرة الأرضية
تثبت هذه القشرة وتوازن الأرض خلالها دورانها فهي كالمرساة للسفينة. وهنا
نجد قول الله تعالى: (والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم) [النازعات: 32-33].