منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي أسامة (لشهب أسامة)
المدير العام
المدير العام
علي أسامة (لشهب أسامة)


الأوسمة وسام العضو المميز
 دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : الجزائر
الجنـــس : ذكر
المتصفح : fmfire
الهواية : sports
عدد المساهمات : 26932
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
العمر : 31
الموقع : https://readwithus.yoo7.com/
المزاج : nice
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث Empty
مُساهمةموضوع: دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث    دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر - 18:18

رسالة ماجستير نال الباحث بموجبها شهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة سانت كليمنتس البريطانية
الفهرست

المقدمة دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث
القســــم الأول دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث بوجه عام
الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه
المبحث الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي
المبحث الثاني أسباب تلوث الغلاف الجوي
المطلب الأول تعريف التلوث
المطلب الثاني أسباب التلوث
الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث
المبحث الأول المبادئ العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث
المطلب الأول مبدأ عدم تلويث البيئة
المطلب الثاني مبدأ حسن الجوار
المبحث الثاني بعض المبادئ الدولية الحديثة في حماية الغلاف الجوي من التلوث
المطلب الأول مبدأ المنع
المطلب الثاني مبدأ الحذر
المطلب الثالث مبدأ التنمية المستدامة
المطلب الرابع مبدأ الملوِث يدفع
الفصل الثالث الإلتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث
المبحث الأول الاستخدامات السلمية للغلاف الجوي
المبحث الثاني عدم جواز الادعاء بملكية الغلاف الجوي
المبحث الثالث التعاون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث
القســــم الثاني دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من بعض أوجه التلوث
الفصل الأول تلوث الهواء العابر للحدود البعيد المدى
المبحث الأول الأمطار الحامضية ومخاطرها على الغلاف الجوي
المبحث الثاني الجهود الدولية في معالجة الأمطار الحامضية
الفصل الثاني استنفاد طبقة الأوزون
المبحث الأول استنفاد طبقة الأوزون ومخاطره على الغلاف الجوي
المبحث الثاني الجهود الدولية في معالجة استنفاد طبقة الأوزون
الفصل الثالث تغير المناخ
المبحث الأول ظاهرة الاحتباس الحراري ومخاطرها على الغلاف الجوي
المبحث الثاني الجهود الدولية في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري
الخاتـــــمة النتائج والتوصيات
المراجع



المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. وبعد...

إن
مشكلة التلوث البيئي ليست مشكلة جديدة أو طارئة بالنسبة للأرض، وإنما
الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث كماً وكيفاً في عصرنا الحاضر مما أثر
بدوره على الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية مما ينذر بعواقب وخيمة على
المستقبل البيئي لكوكب الأرض وبالتالي على مستقبل الأجيال المقبلة .
لذا
باتت مشكلة التلوث البيئي تشغل فكر العلماء والباحثين والعقلاء وتقض
مضاجعهم ، فبدءوا يدقون نواقيس الخطر ، ويدعون لوقف أو الحد من هذا التلوث
الذي تتعرض له البيئة نتيجة للنهضة الصناعية والتقدم التكنولوجي في هذا
العصر، فالتلوث مشكلة عالمية ، لا تعترف بالحدود السياسية لذلك حظيت
باهتمام دولي لأنها فرضت نفسها فرضاً، ولأن التصدي لها يجاوز حدود
وإمكانيات التحرك الفردي لمواجهة هذا الخطر المخيف ، والحق أن الأخطار
البيئية لا تقل خطراً عن النزاعات والحروب والأمراض الفتاكة إن لم تزد
عليها.

والغلاف الجوي هو أحد المشتركات العالمية ويعرف بأنه كتلة
من الغازات التي تحيط بالكرة الأرضية ، ويقع خارج حدود الولاية الإقليمية
الوطنية لأية دولة ولا يمكن لأي من الدول أن تدعي ملكيته أو فرض السيادة
عليه ، إلا انه يمكن لجميع الدول استخدامه لإغراضها السلمية المشروعة .
وصفة
الاشتراك العالمي للغلاف الجوي تفرض على جميع الدول الإسهام بحمايته من
التلوث الذي يصيبه نتيجة نشاطاتها الصناعية المؤثرة سلبا على فاعليته ،
كون للغلاف الجوي وظائف مهمة جدا ، منها امتصاص الغازات التي تسبب
التغيرات العالمية ويعمل كذلك على توازن درجات الحرارة في الأرض إذ لولا
هذا الغلاف الجوي لاحترقت الأرض من شدة الحرارة في النهار ولتجمدت ليلاً .
ويعمل
كذلك بمثابة درع يقي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس
ويمنع نفاذها كلها ، ولكن يسمح بمرور النسب والتراكيز المطلوبة فعلا ويمتص
الزائد منها ، وهذه الوظيفة تقوم بها طبقة الأوزون التي تشكل الطبقة
الثانية من طبقات الغلاف الجوي .
وفي الآونة الأخيرة بدأت الدراسات
تأخذ اهتماما واسعا بهذا الموضوع ، وكذلك الفكر القانوني صار يهتم بقضايا
البيئة ويأخذها مأخذ الجد ، وظهرت العديد من المؤلفات والبحوث والدراسات ،
وعقدت عدة مؤتمرات ووقعت الكثير من الاتفاقيات التي تعالج هذا الموضوع ،
ومشكلة التلوث عموماً قد أخذت حيزاً من الاهتمام الدولي بسبب بعدها
العالمي ومخاطرها التي وصلت إلى التأثير على الغلاف الجوي المحيط بالأرض
خاصة بعد التوسع الهائل في الصناعة والذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية
حيث جاءت هذه الصناعة دون إعارة لأهمية البيئة واحترامها وهذا ما انتقل
بالمشاكل البيئية المحلية إلى مشاكل إقليمية وعالمية ايضاً ، وهذا الأمر
أدى إلى ظهور المشاكل البيئية ليس فقط في الدول المسببة للتلوث وإنما في
دول أخرى لا علاقة لها بهذه الملوثات البيئية الخطيرة ، وهذا يعني أن
التلوث بدأ يؤثر على المجتمع الدولي والإنساني بأكمله .
ونتيجة للوعي
العالمي وإدراك مؤسسات المجتمع الدولي من دول ومنظمات وغيرها للمخاطر التي
تنجم في حال عدم التعاون المشترك للحد من تلوث الغلاف الجوي ، فقد عقدت
المؤتمرات وأبرمت الاتفاقيات والمعاهدات التي تسهم بشكل أو بآخر في الحد
من هذه الظاهرة الخطيرة .
أما أهم الأسباب التي دفعت إلى بحث موضوع " دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث " فهي :-
1- حداثة هذا الموضوع والاهتمام العالمي به في الوقت الحاضر .
2- أهمية الغلاف الجوي بوصفه عاملا رئيسيا في استمرار الحياة على الأرض .
3- شمول آثار تلوث الغلاف الجوي للمجتمع العالمي ككل ، مما يستدعي تضافر كافة الجهود دون اقتصارها على بعض الدول دون الأخرى .

ولبحث
هذا الموضوع فقد قسم البحث على قسمين ، تضمن القسم الأول منه ثلاثة فصول
تناول الفصل الأول دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث
بوجه عام الذي بحث في مبحثين ، حيث تناول المبحث الأول الطبيعة القانونية
للغلاف الجوي ، بينما تناول المبحث الثاني أسباب تلوث الغلاف الجوي وجاء
في مطلبين بحث الأول تعريف التلوث وبحث المطلب الثاني أسباب التلوث.

أما
الفصل الثاني فقد تم فيه بيان المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي
من التلوث ، وبحث ذلك في مبحثين كان الأول في المبادئ العامة لحماية
الغلاف الجوي من التلوث وتناولها في مطلبين ، المطلب الأول في مبدأ عدم
تلويث البيئة والمطلب الثاني في مبدأ حسن الجوار ، والمبحث الثاني بحث في
بعض المبادئ الدولية الحديثة في حماية الغلاف الجوي من التلوث وتضمن أربعة
مطالب تناول الأول منها مبدأ المنع والثاني تناول مبدأ الحذر والثالث في
مبدأ التنمية المستدامة أما الرابع فكان في مبدأ الملوث يدفع .

وفي
الفصل الثالث تم بحث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من
التلوث ، وفيه ثلاث مباحث ، تناول المبحث الأول الاستخدامات السلمية
للغلاف الجوي وتناول المبحث الثاني عدم جواز الإدعاء بملكية الغلاف الجوي
أما المبحث الثالث فتناول التعاون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث
.

أما القسم الثاني من هذا البحث فقد تناول دور القانون الدولي في
حماية الغلاف الجوي من بعض أوجه التلوث ، وكان في ثلاث فصول ، بحث في
الفصل الأول منه تلوث الهواء العابر للحدود البعيد المدى وتضمن هذا الفصل
مبحثين بيّن في المبحث الأول موضوع الأمطار الحامضية ومخاطرها على الغلاف
الجوي وفي المبحث الثاني تم تناول الجهود الدولية في معالجة الأمطار
الحامضية . وجاء الفصل الثاني في بحث استنفاد طبقة الأوزون وهو من مبحثين
، تناول الأول استنفاد طبقة الأوزون ومخاطره على الغلاف الجوي والمبحث
الثاني في الجهود الدولية في معالجة استنفاد طبقة الأوزون . وفي الفصل
الثالث من هذا القسم تم بحث تغير المناخ وجاء في مبحثين ، المبحث الأول في
ظاهرة الاحتباس الحراري ومخاطرها على الغلاف الجوي ، أما المبحث الثاني
والأخير فقد تناول الجهود الدولية في معالجة ظاهرة الإحتباس الحراري .
وبعد ذلك جاءت الخاتمة والتي تحوي على ما تم التوصل إليه من استنتاجات وتوصيات .

وفي
ختام هذه المقدمة أدعو كل من يجد في نفسه القدرة على تسديد خطوات المساهمة
البحثية في مجال حماية البيئة بشكل عام والغلاف الجوي بشكل خاص أن يكتبوا
في ذلك ولا يحملهم توقع التقصير على الامتناع عن ذلك ، حيث أن الجهود إذا
اجتمعت بعضها إلى بعض شكلت رصيداً لا بأس به من التكامل وفيما نعتقده ما
زال المدى طويلاً والمساحة متسعة فليأخذ كلٌ حسب ما تتسع له قدراته .
أما بالنسبة لي فهذا ما دونته ، فإن وجد فيه ما هو مفيد فذاك ، وإلاّّ فهذا جناي وخياره فيه .
والله من وراء القصد . . والله ولي التوفيق
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبة أجمعين .

الفصل الأول

الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


إن الأهمية البالغة للغلاف الجوي والمتمثلة بوظائفه التي يقوم بها
تجعل الاهتمام الدولي به أمراً لازماً ، كونه يعتبر الدرع الواقي للأرض
وأحد أسرار استمرار الحياة عليها ، حيث أن أي تغيير يطرأ في مكونات هذا
الغلاف ستكون له عواقب وخيمة سواء على البيئة بصورة عامة أو على اقتصاديات
الدول بصورة خاصة .

ويتعين هنا أن نكشف عن طبيعة هذا الغلاف الجوي من الناحية القانونية
الدولية وما هي الأسباب التي تؤدي إلى تلوثه بالصورة التي تضر بمكوناته
الأساسية مما ينعكس بالضرر على الحياة في هذه الأرض .

ولبيان طبيعة الغلاف الجوي وأسباب تلوثه قسم هذا الفصل إلى مبحثين :



المبحث الأول : الطبيعة القانونية للغلاف الجوي .


المبحث الثاني : أسباب تلوث الغلاف الجوي .



القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


المبحث الأول

الطبيعة القانونية للغلاف الجوي


تمتد سيادة الدولة على إقليمها بالإضافة إلى عنصري البر والبحر إلى
عنصر ثالث هو عنصر الجو الذي يعلو هذين الإقليمين الخاضعين لسيادة الدولة
. ومما تجدر إليه الإشارة أن الاهتمام الدولي بعنصر الجو لم يبدأ إلا في
مطلع القرن العشرين وذلك على اثر محاولات الطيران الأولى حيث اهتم الفقهاء
بدراسة الوضع القانوني للجو لوضع لتحديد ما يكون للدولة عليه من سلطان .

ولكن هل أن للدولة سلطة مطلقة في فرض سيادتها على الجو الذي يعلو
إقليمها البري وإقليمها البحري، أم أن هناك مدى محدد من العلو يمكن للدولة
أن تدعي سيادتها عليه ؟

وللإجابة على هذه الأسئلة لابد أولا من القول بأن إقليم الدولة الجوي
ينقسم إلى منطقتين ، الأولى تخضع لسيادة الدولة الوطنية وتسمى المجال
الجوي ( Airspace ) والثانية تقع خارج الولاية الوطنية لأية دولة وتسمى
الفضاء الخارجي ( Outer space) ، وان الحدود الفاصلة مابين هاتين الطبقتين
لا تزال غير محددة لغاية الآن ، فلا يعرف من الناحية القانونية في الأقل
أين ينتهي المجال الجوي وأين يبدأ الفضاء الخارجي .
وقد ذهبت آراء الفقهاء إلى عدة اتجاهات في تحديد طبيعة حق الدولة على طبقات الجو التي تعلو إقليمها لعل من أهمها:





القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


الاتجاه الأول : يرى هذا الاتجاه بأن سيادة الدولة تمتد إلى الفضاء
الذي يعلو إقليمها ، ويبررون ذلك بأنه لا يمكن الانتفاع بالأرض أو الحياة
بغير الجو ، ونادى به الفقيه ماكمهون ، غير أن هذا الاتجاه يعتبر مبالغا
فيه إلى حد بعيد .

ويضيف أصحاب هذا الاتجاه بأنه لا حاجة لوضع حدود تفصل ما بين المجال
الجوي والفضاء الخارجي ، وهناك من يؤكد بأن الغلاف الجوي هو جزء لا ينفصل
عن سطح الأرض كون الحياة بدونه غير ممكنة ومن ثم فأن نظامه القانوني يجب
أن يتحدد بما يتناسب والنظام القانوني لسطح الأرض الذي يغطيه وفقا لقاعدة
التابع يتبع المتبوع .


ووفقاً لهذا الاتجاه يكون للدولة السلطة الكاملة في السماح لغيرها من
الدول بالمرور في اجوائها من عدمه وذلك حسبما ورد في اتفاقية شيكاغو لعام
1949 والخاصة بالنظام الجوي الدولي حيث نصت على أن " تعترف الدول
المتعاقدة بأن لكل دولة السيادة الكاملة والخالصة على مجالها الجوي الذي
يعلو إقليمها "
ولكن يتبين من هذا النص انه ذكر المجال الجوي تحديداً وأخضعه لسيادة
الدولة دون الفضاء الخارجي ، والمجال الجوي هنا هو الحيز الذي توجد فيه
قوة رد الفعل المساعدة على الطيران .
لقد انتقد هذا الاتجاه بالقول انه لا يصمد أمام الاكتشافات الحديثة في مجال الفضاء فضلا عن كونه لا يتفق وضرورات التعامل الدولي.

الاتجاه الثاني : أما أصحاب هذا الاتجاه فيرون بأنه ليس للدولة أية
سيادة على الهواء الذي يعلو إقليمها والهواء شأنه شأن البحر العام الذي لا
يخضع لســيادة

القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


الدول ، ويبرر هؤلاء رأيهم بأن الدول لا قبل لها بالسيطرة على الهواء وبالتالي لا يمكنها ممارسة أي نوع من السيادة عليه .

وانتقد الفقه الأنكلوسكسوني هذا الاتجاه كونه يهدد السلامة الإقليمية للدولة التي تأخذ به .

الاتجاه الثالث : قسم أصحاب هذا الاتجاه الفضاء المحيط بالأرض إلى
ثلاثة مناطق هي ، النطاق الجوي ، والمنطقة المجاورة التي ترتفع إلى 300
ميل فوق سطح البحر والتي يسمح للطائرات غير الحربية بالمرور عبرها ،
والمنطقة الثالثة هي الفضاء الخارجي .

وان الأخذ بهذا الاتجاه سيؤدي إلى دخول جزء من الغلاف الجوي ضمن
سيادة الدولة ، وتحديدا طبقتي الغلاف الجوي المهمتين الستراتوسفير
والتربوسفير وجزء من طبقة الميزوسفير وما عداها يكون ضمن الفضاء الخارجي
وبالتالي يخرج من سيادة الدولة .

وهناك بعض المعايير التي يتحدد من خلالها الحد الذي يعتبر فيه الغلاف الجوي جزء من المشتركات العالمية ، وهذه المعايير هي :


المعيار الأول / حدد أصحاب هذا المعيار المجال الجوي الذي يمكن للدولة
أن تدعي سيادتها عليه بارتفاع 47 ميلاً وما يعلوه يكون خارج سلطان الدولة
، وهذا هو الارتفاع الذي يمكن للطائرات أن تصل إليه .


ووفقا لهذا المعيار ، تدخل طبقة التربوسفير ( ترتفع 11 كم ) وطبقة
الستراتوسفير ( ترتفع 50 كم ) ضمن سيادة الدولة الإقليمية الوطنية
وبالتالي خروجهما من نطاق المشتركات العالمية ( Global Commons ) .



القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


المعيار الثاني / يعتقد أصحاب هذا المعيار أن المجال الجوي هو ذاته
الغلاف الجوي وهو مرادف له ويمكن للدولة وفقا لهذا المعيار أن تدعي
بالسيادة على الهواء إلى حد 10000 ميل فوق إقليمها .

ولكن الأخذ بهذا المعيار سيجعل الغلاف الجوي داخلا ضمن السيادة
الإقليمية للدولة وخارج عن نطاق المشتركات العالمية باستثناء القدر الذي
يعلو البحر العام والقارة القطبية الجنوبية كونهما من المشتركات العالمية
.


المعيار الثالث / ذهب أصحاب هذا المعيار إلى أن سيادة الدولة على
إقليمها الجوي تمتد إلى مسافة 75 ميلاً فوق سطح البحر ، وقسموا هذا
الارتفاع على منطقتين ، ترتفع المنطقة الأولى لغاية 25 ميلاً وتخضع لسيادة
الدولة المطلقة ، وترتفع الثانية حتى 75 ميلاً فوق سطح البحر وتكون خاضعة
لسيادة مقيدة وذلك بضرورة السماح للأجهزة الفضائية بالمرور عبرها .

ووفقا لهذا المعيار ستقع طبقة التربوسفير وجزء من طبقة الستراتوسفير ضمن حدود السيادة الإقليمية للدولة .

وفي الواقع ، لا يمكن الأخذ بأي من المعايير أعلاه كون ذلك سيجعل من
الغلاف الجوي بأكمله أو جزء منه ضمن يقع ضمن السيادة الإقليمية للدولة
وهذا لا يمكن قبوله .

فالغلاف الجوي هو عبارة عن مجموعة من الغازات ، أو هو الهواء نفسه ،
والهواء بحكم طبيعته لا يمكن اعتباره جزءً من إقليم أية دولة ، كون الهواء
لا يعرف معنى للحدود السياسية ولا يتحدد بحدود ، فالهواء ينتقل من إقليم
دولة إلى أخرى دون أن تستطيع أي دولة أن تسيطر على هذا الانتقال أو توقفه
أن تحد منه.



القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


كما كان هناك دور واضح من قبل اللجنة الدولية للاستخدامات السلمية
للفضاء الخارجــي ، حيث أقرت هذه اللجنة بالضرورات العملية التي تقتضي أن
تكون هناك حدود بين المجال الجوي والفضاء الخارجي . إضافة إلى إن هذه
اللجنة اكدت بأن هذا التحديد ليس بالضرورة أن تكون له علاقة بموضوع الغلاف
الجوي والمشاكل المتصلة به ، بل لغرض توضيح اللبس والغموض فيما يعتبر خرقا
لسيادة الدولة أم لا يعتبر كذلك .


لقد اجمع غالبية الفقهاء على أن الهواء يعتبر من الموارد الطبيعية
الدولية التي لا يجوز إخضاعها للسيادة الوطنية ، كون المسائل المتعلقة
بالغلاف الجوي تثير مشاكل دولية ذات طبيعة عالمية لا يمكن المساس بها ،
ولو أصبح الغلاف الجوي ضمن سلطة الدولة وخاضعا لسيادتها الإقليمية فأن ذلك
يؤدي إلى عجز القانون الدولي من التدخل لتنظيم هذا الموضوع المهم بسبب
تمسك الدول بسيادتها الإقليمية وعدم السماح لغيرها في التدخل بشؤونها .

وقد تم اعتماد هذا المفهوم عند صياغة مبادئ التعاون الدولي في مجال
التأثير بالطقس عام 1980 من قبل خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة
الأرصاد الجوية من أن " الغلاف الجوي يعد مورداً طبيعيا " . كما طرح مفهوم
" الإرث الشائع للإنسانية " عند إعداد مشروع المبادئ المتعلقة بالطقس في
الأمم المتحدة من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في المبدأ الأول الذي
ينص على ( إن الغلاف الجوي جزءا من الإرث الإنساني الشائع ) غير أن هذا
النص لم يعتمد في الصيغة النهائية للمشروع .


القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


يقول البروفسور الفريد بان " لا يمكن لأية دولة الإدعاء بملكية الغلاف
الجوي ، فأن الدول في حقيقة الأمر تســاهم جميعها بالإضرار به من خلال
زيادة تراكيز
الغازات فيه والتي تؤدي إلى تغير المناخ واستنفاد طبقة الأوزون ، إذ
أن مثل هذه القضايا تسمح بالنظر إلى الغلاف الجوي كتراث مشترك للإنسانية "

كما إن هناك من يصف طبقة الأوزون بالتراث المشترك للإنسانية
بالاعتماد على وظيفتها المتمثلة بمنع الأشعة فوق البنفسجية من النفاذ إلى
الأرض .
إن الغرض من تطبيق مفهوم التراث المشترك للإنسانية هو محاولة لتطوير
التنظيم الدولي في المشتركات العالمية ، وهناك من نادى بهذا المفهوم ليشمل
به الغلاف الجوي ايضا بوصفه من المشتركات الإنسانية ، غير انه برغم ذلك
فان هذا المفهوم لم يلق قبولا واسعا في نطاق الغلاف الجوي ، وسوغ أصحاب
هذا الرأي ذلك بأن النشاطات ذات التأثير في الغلاف الجوي تكون خاضعة
لسيادة كل دولة وتنفذ في إقليمها الذي يخضع لسيادتها وحدها ، في حين أن
تطبيق مفهوم التراث المشترك للإنسانية قد برز ليطبق على الموارد الطبيعية
وثرواتها الموجودة في المناطق الواقعة خارج نطاق حدود السيادة أو الولاية
الوطنية لكل دولة .


بينما يرى الأستاذ ألن بويل أن التعامل مع الغلاف الجوي كمشترك عالمي
هو غير مناسب ، وذلك لأن الغلاف الجوي هو حيز ضروري لكل من سيادة الدولة
على مجالها الجوي والملكية المشتركة ، فيرى أنه لا يوجد تشابه بين أعالي
البحار كمشترك عالمي وبين الغلاف الجوي ، وفي الوقت نفسه يرى بويل بأنه لا
يمكن النظر إلى الغلاف الجوي كملكية مشتركة بالمعنى العادي المقبول
للمناطق التي تقع خارج حدود الولاية الوطنية للدولة .




القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


ومهما يكن من أمر ، فليس هناك أي اتفاق في نطاق القانون الدولي حول
اعتبار الغلاف الجوي هو مشترك عالمي ، بل ولا يوجد اعتراف واضح من القانون
الدولي بذلك . ولكن بالإمكان الاستناد في ذلك على القانون الدولي العرفي .

حيث تم قبول قرار الحكم الصادر من محكمة التحكيم في قضية مصهر تريل
بشكل واسع والذي جاء فيه (( لا يمكن لأية دولة أن تستخدم أو أن تسمح
باستخدام إقليمها بالطريقة التي تسبب الإضرار بالدول الأخرى )) . وقد ورد
نص مشابه لمضمون هذه القاعدة في المبدأ الحادي والعشرين من إعلان
استوكهولم لعام 1972 والذي نص على " للدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة
ومبادئ القانون الدولي ، الحق السيادي في استغلال مصادرها الخاصة ، وعليها
مسؤولية التأكد من أن الأنشطة التي تمارس تحت ولايتها أو رقابتها لا تسبب
ضررا للبيئة في دول أخرى أو في مناطق خارج حدود الولاية الوطنية " .

كما أعيد صياغة هذا المبدأ مرة أخرى في إعلان ريو دي جانيرو عام 1992
حول البيئة والتنمية وذلك في المبدأ الثاني ، فالقاعدة بهذا الشكل بدأت
تشكل جزءا من القانون الدولي العرفي .

فضلا عن ذلك ، فقد أثبتت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالسيطرة على
تلوث الهواء العابر للحدود البعيد المدى والبروتوكولات الملحقة بها على إن
بيئة الغلاف الجوي ليست خاصة بالدول الأطراف في الاتفاقية ، بل هي مشترك
عالمي .

كما أن اتفاقية فينا لعام 1985 والمتعلقة بحماية طبقة الأوزون
وبروتوكول مونتريال لعام 1987 وتعديلاته أكدت على ( سواء امتدت سيادة
الدولة على مجالها الجوي أو لم تمتد في طبقة الأوزون ، وبعبارة أخرى ،
سواء كانت طبقة الأوزون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://readwithus.yoo7.com
علي أسامة (لشهب أسامة)
المدير العام
المدير العام
علي أسامة (لشهب أسامة)


الأوسمة وسام العضو المميز
 دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : الجزائر
الجنـــس : ذكر
المتصفح : fmfire
الهواية : sports
عدد المساهمات : 26932
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
العمر : 31
الموقع : https://readwithus.yoo7.com/
المزاج : nice
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث Empty
مُساهمةموضوع: رد: دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث    دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر - 18:19

القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


هي مشترك عالمي أو جزء منه فأن هذا ليس له علاقة بعالمية الغلاف الجوي
حقيقة . حيث أن الإتفاقية والبروتوكول الملحق بها قد تعاملت مع طبقة
الأوزون
كوحدة واحدة ، أي ليست هناك محاولة لفصل الجزء الخارجي من طبقة
الأوزون الذي لا يقع تحت سيادة الدولة وبين الجزء الذي يقع ضمن حدود
سيادتها ) .

كما نصت اتفاقية تغير المناخ لعام 1992 في ديباجتها على أن تغير
المناخ هو ( اهتمام مشترك للإنسانية ) ، وأقرت في الفقرة الخامسة من
الديباجة ( إن طبيعة المناخ تدعو إلى التعاون الواسع والمحتمل من قبل جميع
الدول ومشاركتها الفعالة في تحديد الاستجابة الدولية ) ، وأعادت في الفقرة
الثامنة الدعوة إلى المبدأ الحادي والعشرين من إعلان استوكهولم لعام 1972
والمبدأ الثاني من إعلان ريو لعام 1992 اللذان يوازنان بين سيادة الدولة
ومسؤوليتها في نطاق البيئة ، وبهذا فان هذه اتفاقية تغير المناخ لعام 1992
لم تميز بين المناطق الواقعة ضمن ولاية الدولة من الغلاف الجوي والتي لا
تقع ضمن ولايتها .

وورد في التوصيات المقدمة من مجلس الكنائس العالمي إلى مؤتمر الأطراف
السادس لاتفاقية تغير المناخ عام 2000 من أن " الغلاف الجوي هو الذي يحيط
بالكرة الأرضية ، يغذيها ويحميها ، وهو يخص جميع البشر ويشتركون فيه اليوم
وفي المستقبل ، وانه لا يمكن السماح لأية قوة سياسية أو اقتصادية الإضرار
به أو الادعاء بملكيته " ، وجاء فيها ايضا " إننا نفهم أن الغلاف الجوي هو
جزء من خلق الله ومن ثم فان الاهتمام به وحمايته تكون بالمشاركة من قبل
الجميع " .




القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


ومما تقدم ، يمكن القول بأن الغلاف الجوي هو جزء من المشتركات
العالمية التي تهم المجتمع الدولي ككل والذي يجب أن ينظر إليه شأنه شأن
أعالي البحار والفضاء الخارجي ، كونه يحمي الجميع ووجوده يضمن لهم
اســتمرار الحياة والعيش على هذه الأرض . ونظراً لما له من دور كبير وفعال
وما يمارسه من وظائف مهمة ، فأن الاهتمام به من مسؤولية الجميع ومن ثم يجب
أن ينظر إليه كمشترك عالمي وإنساني.



القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


المبحث الثاني

أسباب تلوث الغلاف الجوي

إن مشكلة تلوث الغلاف الجوي باتت من المشاكل الرئيسة التي تواجه
المجتمع الدولي بأسره ، وذلك لما لهذه الظاهرة من آثار خطيرة على البيئة
والإنسان لا يمكن تجاهلها .

فما هو التلوث وما أسبابه ؟ هذه مسائل سيتم بحثها في المطلبين الآتيين :-



المطلب الأول : تعريف التلوث .


المطلب الثاني : أسباب التلوث .



القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


المطلب الأول

تعريف التلوث


بصورة عامة ، يمكن اعتبار التلوث بأنه كل ما يؤثر في جميع العناصر
البيئية بما فيها من نبات وحيوان وإنسان ، وكذلك كل ما يؤثر في تركيب
العناصر الطبيعية غير الحية مثل الهواء والتربة والبحيرات والبحار وغيرها
.
وأصبح تلوث البيئة ظاهرة يشعر بها الجميع فلم تعد البيئة قادرة على
تجديد مواردها الطبيعية وأختل التوازن بين عناصرها المختلفة ، ولم تعد هذه
العناصر قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أو استهلاك النفايات الناتجة من
نشاطاته المختلفة ، وأصبح جو المدن ملوثا بالدخان المتصاعد من عوادم
السيارات وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى ، والتربة
الزراعية قد تلوثت نتيجة الاستعمال المكثف للمخصبات الزراعية والمبيدات
الحشرية ، وحتى الكائنات الحية لم تخل من هذا التلوث .
كذلك أدى التقدم في الصناعة الهائل الذي صحب الثورة الصناعية إلى
إحداث ضغط هائل على كثير من الموارد الطبيعية ، خصوصا تلك الموارد غير
المتجددة مثل الفحم وزيت البترول وبعض الخامات المعدنية والمياه الجوفية ،
وهي الموارد

الطبيعية التي احتاج تكوينها إلى انقضاء عصور جيولوجية طويلة ولا يمكن تعويضها في حياة الإنسان .

ولقد صحب هذا التقدم الصناعي الهائل الذي أحرزه الإنسان ظهور أصناف
جديدة من المواد الكيميائية لم تكن تعرفها البيئة من قبل ، فتصاعدت بعض
الغازات الضارة من مداخن المصانع ولوثت الهواء وألقت هذه المصانع
بمخلفاتها الكيميائية السامة في البحيرات والأنهار .

القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


وقد أسرف الناس في استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الآفات والمخصبات
الزراعية ، وأدى كل ذلك إلى تلويث البيئة بكل صورها، فتلوث الهواء وتلوث
الماء وتلوثت التربة واستهلكت ، وأصبحت بعض الأراضي الزراعية غير قادرة
على الإنتاج ، كذلك ازدادت مساحة الأراضي التي جردت من الأحراش والغابات ،
وارتفعت أعداد الحيوانات والنباتات التي تنقرض أو تنفق كل عام ، كما
ارتفعت نسبة الأنهار والبحيرات التي فقدت كل ما بها من كائنات حية وتحولت
إلى مستنقعات .

ويمكن تشبيه بعض المدن الصناعية الكبرى مثل طوكيو ونيويورك ولندن
وباريس والقاهرة ... إلخ بالبراكين الثائرة ، حيث يقذف سكان تلك المدن
وآلاتهم ومصانعهم ومركباتهم بمئات الآلاف من الأطنان من الغازات السامة
والأتربة وعوادم السيارات والمصانع إلى الهواء الجوي ، وتكون هذه الغازات
والأتربة غلاله أو سحابة رمادية أو زرقاء اللون تغطي تلك المدن . وتزحف
هذه السحب السوداء فوق القارات بفعل تيارات الهواء لتلوث مناطق أخرى .

وقد برزت مشكلة التلوث وتعاظم خطرها مع تقدم الصناعة واستخدام الآلات
الحديثة وأسلحة الحرب المدمرة على نطاق واسع ، وكانت الدول الصناعية
الكبرى سباقة إلى اكتشاف المشكلة ومخاطرها والبحث عن الحلول المناسبة
لمعالجتها ، كما كانت سباقة في إحداث التلوث والإخلال بالتوازن البيئي .

ومع التزايد المستمر في عدد سكان العالم تتفاقم مشكلة التلوث وتتضخم
مخاطرها ويتحتم البحث عن حلول جذرية لحماية البشرية من كوارث محققة .

وأول ما يمكن ملاحظته هو أن هذا التلوث أدى إلى حدوث انقلاب خطير في
النظام الكوني ، حيث اختلطت الفصول فلا يعرف الصيف من الشتاء أو الخريف


القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


أو الربيع ، وذلك بسبب التزايد المستمر لغاز ثاني أكسيد الكربون، وهو
السبب أيضاً في تحريك الكتل الهوائية المحيطة بالكرة الأرضية وهبوب
العواصف وحلول كثيــر من الكوارث الطبيعية ، كهطول الأمطـار حول الكرة
الأرضية وحدوث الفيضانات وانحسار حزام الأمطار حول الكرة الأرضية عن أماكن
أخرى فيصيبها الجفاف.

ومن الجدير بالذكر انه ليس الإنسان فقط هو من يسبب تلوث البيئة نتيجة
لقيامه بنشاطاته ، إذ أن للكوارث الطبيعية دوراً في تلويث البيئة ايضا وقد
يكون ضررها أشد من فعل الإنسان .

عليه ، يرى البعض بأن وضع تعريفا عاما للتلوث يجابه بصعوبات على أساس
أن للتلوث مصادر متعددة وأنواعا مختلفة ، غير انه بالإمكان إيجاد تعريف
عام حول مختلف أنواع التلوث والطرق التي ينجم عنها .

حيث عرف التلوث في مؤتمر استوكهولم للبيئة البشرية لعام 1972 بأنه :

" أي خلل في أنظمة الماء والهواء أو الغذاء يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الكائنات الحية ويلحق ضررا بالممتلكات الاقتصادية "

وهناك تعريف آخر : " هو كل ما يؤدي ، نتيجة التكنولوجيات المستخدمة ،
إلى إضافة مادة غريبة الى الهواء أو الماء أو الغلاف الجوي الأرضي بشكل
كمي يؤثر على نوعية الموارد ويفقدها خواصها وعدم ملائمة استخدامها " .
ولكن يمكن إعطاء تعريف عام عن التلوث بأنه :

" التغير السلبي الذي يطرأ على احد مكونات الوسط البيئي الذي ينتج كلا
أو جزءا عن النشاط البشري الحيوي أو الصناعي ، وذلك بالمقارنة مع الوضع
الطبيعي الذي كان سائدا قبل تدخل الإنسان . إذ يمكن لهذه التغيرات أن تؤثر
مباشرة أو

بشكل غير مباشر على التوازن البيئي وذلك عن طريق الطعام والهواء والماء والمنتجات الزراعية المختلفة " .

القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


المطلب الثاني

أسباب التلوث

إن أهم المشاكل التي يعانيها الغلاف الجوي والتي تمثل تهديدا للبيئة
والحياة على الأرض تتمثل بصورة رئيسية في استنفاد طبقة الأوزون من خلال
إطلاق مركبات الكلوروفلوروكاربون ( CFCs ) التي تعد المسبب الرئيس
لاستنفاد طبقة الأوزون ، إضافة إلى أن مشكلة تغير المناخ والاحتباس
الحراري الحاصل اليوم يمثل المشكلة الثانية التي تواجه الغلاف الجوي من
خلال زيادة تراكيز الغازات الدفيئة ( Greenhouse Gas ) في الغلاف الجوي
مثل غاز ثاني اوكسيد الكربون والميثان ، وتعرف الغازات الدفيئة بأنها "
تلك المكونات الغازية الموجودة في الغلاف الجوي سواء كانت طبيعية المنشأ
أو بشرية ، التي تمتص وتبعث بالإشعاع في أطوال موجية معينة في نطاق طيف
الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض والغلاف الجوي والسحب ، وان
هذه الخاصية هي التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري " .

وأهم أسباب تلوث الغلاف الجوي هي تلك الملوثات التي تنبعث من المصادر
الصناعية بسبب احتراق الوقود من فحم أو نفط أو غاز ، ونتيجة لزيادة تراكيز
هذه الغازات في الغلاف الجوي فأنها تسبب الإضرار به ، حيث كان من نتيجة
هذه الانبعاثات الخطيرة هطول الأمطار الحامضية واستنفاد طبقة الأوزون
وتغير المناخ . وتتمثل هذه الملوثات في الآتي :-

اولاً : أكاسيد النتروز ( NOx ) .

تنبعث هذه الاكاسيد نتيجة لاحتراق الفحم والغاز الطبيعي وما يخرج من
عوادم السيارات ، فتتحد هذه الاكاسيد مع غازات طبقة الأوزون وتؤدي إلى
استنفاد الأوزون .




القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


إن طبقة الأوزون تمنع مرور الأشعة فوق البنفسجية المنطلقة من الشمس من
المرور عبرها إلا بالتراكيز المطلوبة ، واستنفاد طبقة الأوزون سوف يسمح
لهذه الأشعة بالنفاذ بمعدل اكبر من المعدل المطلوب .

ثانيا : ثاني اوكسيد الكبريت ( SO2 ) .

وينبعث بصورة رئيسية من احتراق الوقود ( النفط والفحم ) كونها تحتوي
على نسبة من مركبات الكبريت والمستخدم في محطات توليد الطاقة الكهربائية
والمراجل الصناعية والمدافيء المنزلية ، أو عن طريق البراكين الطبيعية ،
ويعتبر هذا الغاز المسبب الرئيس للأمطار الحامضية .


ثالثا : ثاني اوكسيد الكاربون ( CO2 ) .

يوجد هذا الغاز في تركيبة الغلاف الجوي الطبيعية بنسبة 0,03 % ،
وينبعث نتيجة احتراق المواد العضوية كالفحم والنفط والغاز الطبيعي ، وتؤدي
زيادة تركيزه في الغلاف الجوي إلى وجود ظاهرة الاحتباس الحراري فضلا عن
تسببه بالمطر الحامضي .


رابعاً : مركبات الكلوروفلوروكاربون ( CFCs ) .

العناصر الكيميائية المكونة لهذه المركبات هي عنصر الكلور ( CL) وعنصر
الفلور ( F ) وعنصر الكاربون ( C ) ، ومركبات الكلوروفلوروكاربون هي
مركبات عضوية صناعية تستخدم في أجهزة التبريد وتعرف بالاسم التجاري لها
بغاز الفريون ، وتنتج هذه المركبات ايضا عن احتراق الوقود المستخدم في
محركات الصواريخ المستخدمة لدفع مكوك الفضاء ، وتعد هذه المركبات من أكثر
مسببات استنفاد طبقة الأوزون ، كون ذرات الكلـــور تتفاعل مع جزيئة


القسم الأول - الفصل الأول الطبيعة القانونية للغلاف الجوي وأسباب تلوثه


الأوزون فتحطمها وتنتج اكاسيد الكلور التي تتحلل بسرعة وتعود ذرة
الكلور حرة مرة أخرى لتحطم جزيئة أخرى من الأوزون ، ومن الممكن لذرة واحدة
من الكلور أن تحطم مئة ألف جزيئة من جزيئات الأوزون ، كما انه بإمكان
مركبات الكلوروفلوروكاربون أن تبقى في الغلاف الجوي لمدة تزيد على المائة
عام .



الفصل الثاني

المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


هناك مبادئ عامة تحكم العلاقات بين الدول فيما يتعلق بحماية البيئة
بوجه عام والغلاف الجوي بوجه خاص ، وقد استقرت هذه المبادئ في إطار
القانون الدولي كونها تسهم في حماية وتطوير البيئة ، ومنها مبادئ دولية
عامة ، ومنها مبادئ دولية ظهرت حديثا اتفقت عليها غالبية الدول .
ولدراسة البعض من هذه المبادئ ، قسم هذا الفصل على مبحثين :



المبحث الأول : المبادئ العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث.


المبحث الثاني : بعض المبادئ الدولية الحديثة في حماية الغلاف الجوي من التلوث .



القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المبحث الأول

المبادئ العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


من أهم المبادئ العامة التي استقرت في نطاق القانون الدولي والمتعلقة
بحماية وتطوير البيئة والغلاف الجوي هما مبدأ عدم تلويث البيئة ومبدأ حسن
الجوار . وسنتناول كل منهما في مطلب مستقل :



المطلب الأول : مبدأ عدم تلويث البيئة .


المطلب الثاني : مبدأ حسن الجوار .



القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الأول

مبدأ عدم تلويث البيئة


عرف هذا المبدأ واستقر عن طريق العرف الذي أضفى عليه الصفة الإلزامية
من خلال استمرار العمل به من قبل الدول والتزامهم به ، وهذا يؤكد بأنه ليس
مبدأ حديث النشأة بل نتاج زمن طويل يكفي لتكون له صفة العرف الملزم .

وصار هذا المبدأ اليوم من المبادئ الأساسية في القانون الدولي البيئي
، وهو تطبيق وانعكاس لمبدأ آخر استقر في القانون الدولي وهو مبدأ " استعمل
مالك دون الإضرار بالآخرين ". الذي افرزه قرار محكمة التحكيم في قضية مصهر
تريل بين الولايات المتحدة وكندا عام 1949 . كما أن المبدأ الحادي
والعشرين من إعلان استوكهولم للبيئة البشرية لعام 1972 قد تضمن هذا المبدأ
وقننه ، وأعيد النص عليه في إعلان ريو حول البيئة والتنمية لعام 1992 في
المبدأ الثاني منه ، وكذلك في حكم محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري
بشأن شرعية التجارب النووية عام 1996.


الفرع الأول

استعمل مالك دون الإضرار بالآخرين

لقد استقر هذا المبدأ منذ صدور قرار الحكم في قضية مصهر تريل الذي جاء
فيه: إن المحكمة وجدت بأنه " بموجب مبادئ القانون الدولي وقانون الولايات
المتحدة ، ليس لأية دولة الحق في أن تستخدم إقليمها أو السماح باستخدامه
بالطريقة التي تسبب الضرر في إقليم دولة أخرى أو ممتلكات الأشخاص
الموجودين فيه ،


القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


عندما تكون النتائج خطرة والضرر ناجم عن مصادر واضحة " .

ويقول الفقيه لوترباخت " إن هذا المبدأ ينطبق على العلاقات بين الدول كما ينطبق على العلاقات بين الأفراد " .

فوفقا لهذا المبدأ يحق للدولة أن تستخدم إقليمها كيفما تشاء وتمارس
عليه أنشطتها المختلفة ، ولكن بحدود عدم الإضرار بالدول والأقاليم الأخرى
، كون حق الدولة في استخدام إقليمها ليس حقا مطلقا وإنما مقيد ويتأثر متى
ما أتت الدولة أضرارا جسيمة بالدول الأخرى نتيجة لنشاطاتها التي تقوم بها
.

وأكدت ذلك محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر بشأن قضية مضيق كورفو
بين بريطانيا وألبانيا السابق الذكر والذي جاء فيه " ليس من حق أية دولة
أن تستخدم إقليمها بالشكل الذي يضر بمصالح الدول الأخرى " .

ويجب على الدول وفقا لهذا المبدأ أن لا تستخدم في إقليمها أي نشاط من
شأنه أن يلحق الضرر بالدول الأخرى لاسيما المجاورة لها ، وعليها كذلك أن
لا تسمح بتنفيذ أي نشاط على إقليمها يسبب تلك الأضرار. إن هذا المبدأ يشير
إلى الأضرار الذي لا يمكن تحملها والتي توصف بالخطرة ، بينما بالإمكان
تحمل الأضرار التي هي دون ذلك والتي يمكن تحملها وفقا لمبدأ حسن الجوار .

القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


الفرع الثاني

المبدأ 21 من إعلان استوكهولم للبيئة البشرية 1972


ينص هذا المبدأ على " للدول ، وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ
القانون الدولي ، الحق السيادي في استغلال مصادرها وفقا لسياستها البيئية
، وعليها مسؤولية التأكد من أن الأنشطة التي تمارس تحت ولايتها أو رقابتها
لا تسبب ضررا للبيئة في دول أخرى أو في مناطق خارج حدود الولاية الوطنية "
.

وهذا يعني أن مبدأ عدم تلويث البيئة قد قنن في النص أعلاه من إعلان استوكهولم.

ويؤكد غالبية الشراح إن هذا المبدأ هو انعكاس للقانون الدولي العرفي الذي تأكد في قضيتي مصهر تريل ومضيق كورفو .

ويتضمن هذا المبدأ عنصرين هما:

العنصر الأول / إن هذا المبدأ يؤكد الحق السيادي للدول على مصادرها الطبيعية ، ودعوة الدول لتطوير سياستها لحماية البيئة .

العنصر الثاني / انه يؤكد واجب الدول في ضمان الأنشطة التي تضطلع بها
أو تلك التي هي تحت رقابتها أو ولايتها أن لا تسبب ضررا لبيئة دول أخرى .

ويترتب على هذه العناصر أن تلتزم الدول بألا تأتي أعمالا مضرة
بالبيئة ، ليس فقط تجاه الدول والأقاليم الأخرى ، بل حتى في مواجهة
المناطق التي تقع خارج حدود الولاية الوطنية لأية دولة مثل أعالي البحار
والفضاء الخارجي ، أي المشتركات العالمية ومن ضمنها الغلاف الجوي .




القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


الفرع الثالث

محكمة العدل الدولية

أقرت محكمة العدل الدولية بأن القانون الدولي سواء كان عرفيا أم
اتفاقيا لا يجيز ولا يمنع صراحة استخدام الأسلحة النووية ، وجاء ذلك على
خلفية رأيها الاستشاري عام 1996 بشأن شرعية التجارب النووية . حيث أن
المحكمة لغاية ذلك العام لم تقر بأن المصالح البيئية هي من بين المصالح
التي يجب أن تحميها الدول .

ورأت المحكمة إن تحريم استخدام الأسلحة النووية يجب أن يكون من خلال
القانون الدولي البيئي ، وبينت المحكمة بأنه لا يمكن أن يكون المقصود من
وجود الاتفاقيات البيئية هو تحريم لجوء الدول إلى حقها في الدفاع عن النفس
بموجب القانون الدولي وان القانون الدولي البيئي لا يشكل مانعا مستقلا
لاستخدام هذه الأسلحة ، غير أن محكمة العدل الدولية لاحظت الآتي :

اعترفت المحكمة بأن البيئة تؤلف المجال المهم لحياة الإنسان الآن وفي
المستقبل ، كما أقرت بأن الانتهاكات اليومية للبيئة واستخدام الأسلحة
النووية يمكن أن يشكل كارثة على البيئة ، ويجب على جميع الدول أن تلتزم
بضمان أن النشاطات التي تنفذ تحت ولايتها أو سيطرتها هي نشاطات تقوم بها
في إطار احترام بيئة الدول الأخرى وكذلك المناطق التي لا تخضع لولاية أية
دولة كالفضاء الخارجي وأعالي البحار . ويبدو هنا بأن محكمة العدل الدولية
قد أعادت نص المبدأ 21 من إعلان استوكهولم بشكل مختلف نسبيا ، إلا أنها
وافقت على الالتزام باحترام البيئة والعمل على حمايتها وعدم التسبب
بالإضرار بها .




القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الثاني

مبدأ حسن الجوار


جاء في ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة ، بأن تتعهد شعوب الأمم
المتحدة بأن تعيش معا في سلام وحسن جوار ، كما أن المادة 47 من الميثاق
أكدت هذا المبدأ ، وهو يعد من المبادئ المستقرة في القانون الدولي .

وبخصوص تطبيق قواعد مبدأ حسن الجوار في نطاق حماية الغلاف الجوي من
التلوث ، فأنه يجب على الدول الالتزام بعدم القيام بأي عمل من شأنه
الإضرار بأقاليم الدول الأخرى على الرغم من مشروعية تلك الأعمال .

وأهم الالتزامات التي يتضمنها مبدأ حسن الجوار هي :

الأول / على الدول الامتناع عن القيام بأي عمل على إقليمها ينتج عنه ضررا بمصالح دول أخرى ، وهو التزام سلبي .

الثاني / على الدولة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع الخاضعين لها من
القيام بأية أعمال يمكن أن تمتد آثارها إلى أقاليم الدول المجاورة ، وهو
التزام ايجابي .


وحيث أن تلوث الهواء الذي يكون مصدره دولة ما ، لا يقتصر أثره على تلك
الدولة بل يمتد إلى الدول المجاورة ذات الحدود المشتركة معها أو قد يصل
إلى مسافات بعيدة جدا عن المصدر ، فمن هنا يمكن القول بضرورة تطبيق
الالتزامات التي يفرضها مبدأ حسن الجوار في مجال حماية الغلاف الجوي ، كون
الهواء بحكم طبيعته لا يعرف معنى للحدود الدولية.


القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


ومثال على ذلك : إن الإمطار الحامضية وهي إحدى المشاكل التي يواجهها
الغلاف الجوي ، قد سببت أضرارا بالغة الخطورة في شمال أوربا وأمريكا
الشمالية . إذ أن المعالجات التي قامت بها الدول الصناعية في جنوب أوربا
أدت إلى انتقال الأبخرة إلى شمالها مسببة هطول الأمطار الحامضية في الدول
الاسكندنافية بشكل خاص والتي لا تربطها بالدول المصدر أي اتصال مادي .


كذلك فأن نشاطات الدول الصناعية تعتبر أهم مصادر زيادة تراكيز الغازات
الدفيئة مثل ثاني اوكسيد الكربون الذي هو احد المسببات الرئيسة لتغير
المناخ العالمي والذي له أخطار بيئية عالية على البيئة بصورة عامة ولا فرق
بين من
يساهم بهذه الانبعاثات الخطيرة وبين من لا يساهم ، فالجميع يشمله
خطر التلوث ، وهذا الأمر هو ذاته فيما يتعلق باستنفاد طبقة الأوزون .

وخلاصة القول ، إن مفهوم الجوار في نطاق حماية الغلاف الجوي هو ليس
جوارا ماديا فقط ، وان الالتزامات التي يقررها مبدأ حسن الجوار يجب أن
تطبق على جميع الدول ولا أهمية في هذا المقام إلى الاتصال المادي للحدود ،
كون الهواء بطبيعته لا يعرف معنى لسيادة الدولة ولا للحدود الدولية ،
ويمكن القول بأن جميع الدول يمكن أن توصف بأنها متجاورة ما دامت كتلة
الهواء تعبر من دولة إلى أخرى دون رقيب يستطيع منعها من المرور .



القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المبحث الثاني

بعض المبادئ الدولية الحديثة في حماية الغلاف الجوي من التلوث



إن أهمية الغلاف الجوي ، بوصفه أحد المشتركات العالمية التي يقتضي
التعاون الجاد من قبل المجتمع الدولي لحمايته ، وذلك لضمان استمرار الحياة
على الأرض ، كل ذلك يحتم على الدول أن تساهم في حماية الغلاف الجوي من
المشاكل التي يتعرض لها ، وأحد سبل هذا التعاون هو التزام الدول ببعض
المبادئ الدولية الحديثة التي من شأنها الحد أو وقف تلوث الغلاف الجوي ،
حيث لو تفاقمت آثار التلوث إلى الحدود الخطيرة فأنه يصعب حينها معالجة
الأمر حتى لو اشترك الجميع في تلك المعالجة .

وهناك بعض من المبادئ الحديثة التي تسهم في حماية الغلاف الجوي من التلوث، وسوف نخصص لكل منها مطلب وعلى النحو الآتي:



المطلب الأول : مبدأ المنع .


المطلب الثاني: مبدأ الحذر .


المطلب الثالث : مبدأ التنمية المستدامة .


المطلب الرابع: مبدأ الملوث يدفع.




القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الأول

مبدأ المنع


يقال أن منع الشيء قبل أن يقع أفضل من تركه يقع ومن ثم التعامل معه ، وهناك قاعدة عامة تقول " الوقاية خير من العلاج " .

إن مبدأ المنع يعني أن أفضل الطرق في حماية البيئة هو منع الإضرار بها
بدلا من معالجة التلوث الذي يحصل فيما لو حدثت تلك الأضرار، وان منع الضرر
يكون اقل تكلفة من إصلاحه إذا ما حدث.
لقد تطور هذا المبدأ على المستوى الدولي حيث تضمنه إعلان استوكهولم
للبيئة البشرية لعام 1972 في المبدأ السادس منه فنص على " إن تفريغ المواد
السامة أو أية مواد أخرى وإطلاق الحرارة ، في مثل الكميات أو التراكيز
التي تتجاوز قابلية البيئة لدفع الضرر عنها ، يجب أن توقف لضمان أن
الأضرار الخطرة التي لا يمكن ردها لا تفرض على البيئة " .

لقد تم وصف هذا المبدأ من قبل بعض العلماء بأنه من القواعد الذهبية
في القانون الدولي البيئي، على اعتبار أن هناك استحالة في غالب الأحيان من
معالجة الأضرار البيئية ولو أمكن معالجتها فسوف تكون مكلفة جدا.


إن هذا المبدأ يفرض على الدول أن تبذل العناية وذلك من خلال تبنيها
إجراءات مناسبة تمنع الإضرار بحقوق الدول الأخرى ، وإصلاح الضرر ومعاقبة
المسبب وهو الالتزام المتعلق بولاية الدولة على إقليمها .

وأخيرا ، يمكن القول بأن هذا المبدأ له دور مهم في معالجة التلوث من خلال منع حدوثه ابتداء أو التقليل من ضرره إلى ابعد حد ممكن .


القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الثاني

مبدأ الحذر


ويعني به ، التأهب لأي تهديد محتمل أو افتراضي ، أي عندما لا تتوفر
الدلائل القوية التي تؤيد حصول ضرر حقيقي ما . وهذا المبدأ يعتمد على
المنع المعتمد على الاحتمالية والحالات الطارئة ، ولذا فهو يوصف بأنه شكلا
متطورا لمبدأ المنع وقريب جدا منه ، وذلك بسبب أن كلا المبدأين تضمنا
العمل المضاد لتجنب الضرر البيئي قبل حدوثه ، فهو إذن تطبيق لمبدأ المنع
وذلك عندما تكون المعلومات العلمية غير مؤكدة وغير مكتملة .


ولقد تضمن إعلان ريو هذا المبدأ حيث نص في المبدأ 15 منه على : " من
أجل حماية البيئة ، فأن مبدأ الحذر يجب أن يطبق بشكل واسع من قبل الدول
وفقا لمقدرتها ، وحينما تكون التهديدات خطرة أو أن الأضرار لا يمكن ردها ،
فأن نقص المعلومات العلمية المؤكدة يجب ألا تستخدم كسبب لإرجاء كلفة
الإجراءات الفعالة لمنع الانحدار البيئي .


وقد أخذت غالبية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الغلاف الجوي
بهذا المبدأ ، منها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشان تغير المناخ لعام
1992 ، وكذلك بروتوكول غوتنبيرغ لعام 1999 الملحق باتفاقية جنيف بشان تلوث
الهواء العابر للحدود البعيد المدى لعام 1979 .



القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الثالث

مبدأ التنمية المستدامة


وهو مبدأ يعنى بالتنظيم الاجتماعي ويتضمن تدابير التكنولوجيا وتحسينها من اجل تعزيز النمو الاقتصادي في حدود قدرة البيئة .

ويمكن تعريف التنمية المستدامة بأنها " التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجاتهم "

إن المجتمعات ، ومن خلال رغبتها في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي
تلجأ إلى شتى الوسائل التي تساعدها على تحقيق تلك الأهداف ، من هذه
الوسائل هي التسابق في مجال الصناعة والاختراعات الحديثة ، ولكون أغلبية
هذه الصناعات لا تتم إلا من خلال مزاولة النشاطات الضارة بالبيئة ، مما
يعرض مستقبل الأجيال القادمة لخطر كبير . إذ أن انبعاث الغازات الملوثة
إلى الجو هو تهديد خطير للأنظمة الطبيعية التي تديم الحياة على سطح الأرض
، ولهذا فأن مبدأ التنمية المستدامة يهدف إلى عدم تهديد هذه الأنظمة
الطبيعية بالخطر الناتج عن التلوث البيئي ، كون هذه الأنظمة الطبيعية هي
التي تديم الحياة على سطح الأرض ومنها الغلاف الجوي .
والغرض من هذا المبدأ هو استيعاب آثار الأنشطة الإنسانية وتلبية
الاحتياجات الضرورية لبني البشر وتوفير الفرص لهم لتحسين حياتهم ، وتغيير
أنماط الحياة لجعلها في إطار ما تسمح به الوسائل البيئية .

وعلى الرغم من أن للدولة حق في التنمية ، ولا يمكن أن تتوقف عجلة
التنمية في أية دولة من الدول ، إلا انه في الوقت نفسه على الدولة أن
تراعي احترام البيئة وان تجعل حقها في التنمية مقيدا بحدود ما تتحمله
البيئة وعدم تجاوز تلك الحدود .


القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


لقد نص إعلان استوكهولم للبيئة البشرية لعام 1972 في المبدأ الحادي
عشر منه على " إن سياسات كل دولة يجب أن تعزز التنمية في الدول النامية ،
ويجب أن لا يكون لها تأثيرات سلبية على حاضر أو مستقبل التنمية فيها " .

ومن الجدير بالذكر إن ما يقارب من ثلث مبادئ إعلان استوكهولم تتعلق بالتنسيق بين التنمية والبيئة .

كما أكد إعلان ريو لعام 1992 بشان البيئة والتنمية على مبدأ التنمية
المستدامة في خمس مبادئ منه هي المبادئ ( 4 ، 5 ، 20 ، 21 ، 27 ) .

وترتبط التنمية المستدامة ارتباطا وثيقا بالغلاف الجوي وذلك لما
لتغيرات الغلاف الجوي من اثر على النشاط البشري ، فإذا تحقق التوازن بين
حق الدولة في التنمية وبين واجبها في حماية البيئة بشكل عام فأن ذلك سيؤدي
إلى التقليل من الأضرار التي تصيب الغلاف الجوي .

ويدعو مبدأ التنمية المستدامة في مجال استخدام الطاقة إلى المحاور الآتية :

• الاستخدام الأمثل للطاقة على الصعيد المنزلي وفي القطاع التجاري
منها على سبيل المثال ، إدخال استعمال مواقد محسنة أو الغاز النفطي المسيل
لأجل الطبخ ، واعتماد معايير أداء طاقية دنيا بالنسبة للأجهزة والإنارة ،
وقواعد بناء تتسم بالكفاءة الطاقية ، وعدادات .
• تحسين الفعالية بالنسبة لإمدادات الطاقة (مثلا: توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها).

• سياسات تسهيل نقل التكنولوجيات الحديثة في مجال الطاقة، كسياسات
تشجيع التصدير أو تهيئة بيئة مواتية للاستثمارات ، بما في ذلك الغايات
المتوخاة من تلك السياسات وأنواع التمويل المتوفر والحوافز الأخرى المقدمة
لتسهيل نقل التكنولوجيا.

• إصلاح وإعادة هيكلة قطاع الطاقة خلال العشر سنوات الماضية لأجل تحسين أداء أسواق الطاقة.


القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


• تطوير الأطر القانونية والتنظيمية المتصلة بالسياسات العامة التي اعتُمدت في مجال الطاقة.

• استخدام وسائل اقتصادية، من ضمنها إصلاح التسعير والتعريفات الجمركية.

• مشاركة الشركات الخاصة في قطاع الكهرباء ، وتأثيرها على خدمات الكهرباء وإسهامها ( مثلا: التوليد - النقل - التوزيع ).

• مشاركة المجموعات الرئيسة في صنع القرارات المتعلقة بالطاقة سواء على الصعيد الوطني أو صعيد المجتمعات المحلية .

• مشاركة النساء في تقييمات الاحتياجات أو في التخطيط لها وفي صوغ السياسات المتعلقة بالطاقة، على الصعيدين المحلي والدولي .

• البرامج الرامية لزيادة نسبة الطاقة المتجددة في مجموع الإمدادات الطاقية الوطنية، بما في ذلك معلومات عن غاياتها وأهدافها.

• التدابير والبرامج المعتمدة لأجل تحسين كفاءة الوقود المستخدم
للسيارات، مثل قواعد كفاءة وقود السيارات وبرامج فحص السيارات وصيانتها،
واستعمال أنواع وقود أقل تلويثا ، أو أية تدابير وبرامج أخرى.

• وجود برنامج للطاقة النووية ومعلومات عن مواد نووية تنقل داخل أو
عبر الحدود الوطنية ، وتشجيع البرامج الوطنية التي تكفل سلامة وجود
ترتيبات لإجراء استعراض من قبل الجمهور ولعقد جلسات استماع .

• بناء القدرات والمعلومات والبحث التكنولوجي.

• الجهود المبذولة لاستحداث أو تعزيز أو إصلاح المؤسسات الوطنية
والمحلية القائمة التي تتولى مسؤولية البرامج الوطنية لاستخدام الطاقة
لأغراض التنمية المستدامة.

القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


• التدريب أو الأنشطة الأخرى الهادفة لبناء القدرات ، المضطلع بها
لأجل تعزيز التخطيط في مجال الطاقة ، والاهتمام بكفاءة الطاقة أو تطوير
مصادر طاقة جديدة أو متجددة.

• بدء حملات إعلامية وبرامج تعليمية لرفع الوعي والكفاءة في مجال الطاقة ونظم الطاقة السليمة بيئيا.

• الربط الشبكي بين مراكز الخبرة الرفيعة في مجال استخدام الطاقة لأجل
التنمية المستدامة ، التي حسنت مجالات تبادل المعلومات وبناء القدرات ونقل
التكنولوجيا.

• مواقع الإنترنت التي تتعلق بشكل خاص ، بالقضايا الواردة في هذه
المبادئ التوجيهية الخاصة بالطاقة ، وإيراد عناوين صفحات الاستقبال (URL).

• الجهود المبذولة لتشجيع المزيد من البحث والتطوير في مختلف
تكنولوجيات الطاقة: الطاقة المتجددة ، وكفاءة الطاقة ، والتكنولوجيات
المتقدمة في مجال الطاقة ، ومن ضمنها تكنولوجيات الوقود الأحفوري الأنظف .

• أما بشأن التمويل ، فينبغي اتخاذ التدابير اللازمة لإقامة بيئة
مواتية لجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة: إصلاح التسعير/الإعانة ،
والحوافز المالية والضريبية ، واتفاقات شراء الطاقة ، وأية ترتيبات أخرى.

• التعاون مع البلدان المجاورة في تجارة الطاقة و/أو ربط شبكات
الكهرباء أو الغاز، بما فيها خطوط الأنابيب العابرة للحدود الوطنية ،
نوعية هذا التعاون.



القسم الأول - الفصل الثاني المبادئ الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المطلب الرابع

مبدأ الملوث يدفع

يقصد بهذا المبدأ ، إن على من يتسبب بتلويث البيئة ، أن يتحمل كافة
تكاليف الإجراءات الخاصة بمنع التلويث والسيطرة عليه أو التخفيف من آثاره
، وتكون السلطة العامة في الدولة المتسببة بالضرر هي من يتحمل تلك
التكاليف والنفقات ، ولضمان ان تصبح البيئة بحالة مقبولة .

إن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي هي التي وضعت هذا المبدأ كمبدأ
اقتصادي وكطريقة فعالة لتوزيع نفقات منع التلوث وإجراءات السيطرة المقدمة
من قبل السلطات العامة في الدول الأعضاء في المنظمة .

ويعد تطبيق هذا المبدأ على الصعيد العالمي أمرا منطقيا وضروريا ،
خصوصا في حالة التلوث العابر للحدود ، بحيث يتحمل من يتسبب بالضرر مسؤولية
ذلك الضرر وعليه إصلاح آثاره الضارة ، سواء كان المتسبب فرداً أم شركةً أم
منظمة أم الدولة نفسها .

وقد نص إعلان ريو على مبدأ الملوث يدفع وذلك في المبدأ 16 منه والذي
جاء فيه " السلطات الوطنية يجب أن تسعى إلى تشجيع التكاليف البيئية
الداخلية واستخدام الاتفاقات الاقتصادية التي تأخذ بالحسبان منهج إن
الملوث يجب ، من حيث المبدأ ، أن يتحمل تكاليف التلوث مع الأخذ بنظر
الاعتبار المصالح العامة وبدون الإضرار بالتجارة والاستثمارات الدولية " .



الفصل الثالث

الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


هناك عدد من الالتزامات العامة التي تفرض على جميع الدول في مجال
حماية الغلاف الجوي من التلوث ، بوصفه مشترك عالمي ، بأن تساهم في العمل
على منع الإضرار به كون آثار تلك الأضرار تصيب الجميع ما داموا يعيشوا على
ظهر هذا الكوكب .

وسنتناول في المباحث الثلاثة الآتية أهم هذه الالتزامات :



المبحث الأول: الاستخدامات السلمية للغلاف الجوي.


المبحث الثاني: عدم جواز الادعاء بملكية الغلاف الجوي.


المبحث الثالث: التعاون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث.



القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المبحث الأول

الاستخدامات السلمية للغلاف الجوي


هناك مشتركات عالمية لا تخص دولة أو دول بعينها ولا تخضع لسيادتها ،
وهذه المشتركات التي أكدت عليها الاتفاقيات الدولية هي ( أعالي البحار ،
القارة القطبية الجنوبية ، الفضاء الخارجي ) .
فمبدأ حرية أعالي البحار قد اقر في المادة 87 من اتفاقية قانون
البحار لعام 1982 ، ويترتب على هذا المبدأ أنه يجب استخدام أعالي البحار
استخداما سلميا .

كما أن اتفاقية القارة القطبية الجنوبية ( انتراكتا ) لعام 1959 قد
أقرت في ديباجتها وفي المادة الأولى منها على الاستخدام السلمي للقارة ،
وأكدت بأن الاستخدام السلمي يعني منع أية إجراءات ذات طبيعة عسكرية .
وأقرت كذلك اتفاقية المبادئ التي تحكم أنشطة الدول في استكشاف واستخدام
الفضاء الخارجي والتي تتضمن القمر والأجرام السماوية الأخرى عام 1967 وفي
المادة الرابعة منها بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي .

إذن هناك التزاما دوليا على عاتق الدول بألا تستخدم المشتركات
العالمية بغير الاستخدامات السلمية ، وبما أن الغلاف الجوي يعتبر احد هذه
المشتركات العالمية ، فان الأمر يقتضي بأن على الدول أن تحرم أي استخدام
غير سلمي عليه وأن تتحاشى الإفراط في تلويث البيئة بأي شكل كان وعدم قذف
الملوثات في الهواء كاستخدام الوقود في الصناعة أو في وسائل النقل البري
أو من خلال حرق النفايات أو النشاط الإشعاعي . وبشكل عام فأن تلوث الهواء
يختلف من مكان لأخر بحسب سرعة الرياح والظروف الجوية وحجم الملوثات
ونوعها.



القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث

فمثلا فيما يخص عوادم السيارات فأنه ، وبسبب عدم الاحتراق الكامل
للوقود في محركات السيارات في المدن المزدحمة تنتج ملوثات غازية خطيرة مثل
أول وثاني أكسيد الكربون حيث أثبتت الدراسات أن السيارة الواحدة تنتج
حوالي 1450 كيلوجرام سنويا منه ، وهذا يعنى أن كمية الغاز المنبعثة من
1000 سيارة حوالي 4 طن يوميا ، وهذا رقم مخيف ، ولغاز أول أكسيد الكربون
مشكلة خطيرة ايضا ، فاتحاده مع الهيموجلوبين في الدم مما يؤدى إلى تقليل
نسبة وجود الأكسجين بشكل لا يفي باحتياجات الجسم وبالتالي حدوث مشاكل
كبيرة للقلب كزيادة في ضرباته وإجهاد في عضلته كما يعمل هذا الغاز على
حدوث تصلب في الشرايين وضيق في التنفس ، وعامة يؤدى استنشاقه من قبل سائقي
السيارات إلى وقوع الحوادث نتيجة لحدوث إغماءات لهم مما يجعلهم عاجزين عن
القيادة السليمة ، وثاني أكسيد الكربون أيضا ينتج من عدم الاحتراق الكامل
للوقود في محركات السيارات وأسباب أخرى لا يسع الحديث عنها الآن ، ولكن
زيادة نسبته في الهواء يعمل على تأخير النمو في الكائنات الحية بوجه عام .

وهناك ملوثات أخرى يقتضي التعاون الجماعي في سبيل منعها او التقليل
منها فمثلاً الهيدروكربونات وهي مركبات عضوية تنتج من اتحاد عنصري الكربون
والهيدروجين ومن أكثر المركبات الهيدروكربونية ضررا مركب البنزوبيرين الذي
يتشكل من احتراق الوقود ومن القار ( الإسفلت ) المستخدم في تعبيد الطرق
وسطوح المباني . ومن اشتعال الزيوت البترولية وصناعة المطاط كما يوجد في
دخان السجائر والتبغ وهو من أخطر الملوثات المسببة للسرطان .

ولا تقل أكاسيد النيتروجين خطورة عن غيرها من الملوثات الخطيرة ومن
أشهرها أكسيد النيتريك وثاني أكسيد النيتروجين وهى أيضا تعتبر من نتائج
عدم الاحتراق الكامل للوقود ، وهى غازات شديدة السمية ومهيجة للأنسجة حتى
لو تواجدت بنسبة ضئيلة في الهواء حيث أن لها أضرارا بيئية فادحة كإصابة
الإنسان


القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث

بأمراض الرئة والتقليل من مقاومة الجهاز التنفسي كما تقلل من مدى
الرؤية للإنسان وحجب الضوء عنه إضافة إلى إعاقة نمو النبات وسقوط أوراقه
وأزهاره وبراعمه ولها دور في حدوث ظاهرة الضباب .

ومركبات الكبريت لها أثرها السلبي على البيئة والغلاف الجوي ، حيث
يوجد الكبريت في صورة شوائب في كل من الفحم والبترول وبعد أن تتم عملية
الاحتراق يتصاعد في الجو على شكل ثاني أكسيد الكبريت الذي يتحول بدوره إلى
كبريتيد الهيدروجين أو حامض الكبريتوز وحامض الكبريتيك ، وبصفة عامة تؤثر
هذه المركبات بقوة حيث يعمل زيادة تركيزها إلى حدوث بعض المشاكل الخاصة
بالرئة كالالتهاب الرئوي وانتفاخ الرئة وزيادة معدلات الربو وقد حدثت
مشكلة لزيادة تركيز كبيرتيد الهيدروجين في الهواء لمدة ساعة في المكسيك
سنة 1950 وأدت إلى وفاة 22 شخص وافتقاد 320 شخص إحساسهم بالشم .

أما الجزيئات المنتشرة في هواء المدن الملوثة الأيروسولات والغبار
والأدخنة والضباب وأتربة الأسمنت ، فإنها تعمل جميعها على تقليل أشعة
الشمس التي تصل للأرض وتؤثر على نمو النبات ونضج المحاصيل علاوة على مشاكل
صحية في الجهاز التنفسي للإنسان والحيوان .

وفي دراسة نشرتها المجلة الأمريكية لعلوم الأوبئة خاصة بتسجيل
المعلومات عن للسيدات الحوامل بين عامي 1987 ، 1993 في لوس أنجلوس ومقارنة
تأثير نوعية الهواء عليهن ومقارنته بسيدات أخريات في مناطق أقل تلوثا ،
وجد أنهن واجهن خطر إنجاب أطفال مشوهين أو مصابين باضطرابات في القلب بسبب
زيادة التلوث في لوس أنجلوس عنه في المناطق الأخرى الأقل تلوثا .



القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث

وفى دراسة أخرى أجريت في مركز أبحاث العيون بالقاهرة ثبت أن تلوث
الهواء قد يؤثر سلبا على العين ويضعفها ويزيد من حدوث حالات أمراض المياه
البيضاء فيها ، كما يزيد من تسبب إصابة ملتحمة العين بالحساسية .

وفى دراسة نشرتها دورية نيو أنجلاند الطبية أوضحت أن تلوث الهواء
يؤخر نمو الرئتين عند المراهقين حيث أكد الباحثون الذين تابعوا 1759 حالة
طفل في 12 تجمعا بجنوب كاليفورنيا ذلك .

وأخيرا في دراسة لمنظمة الصحة العالمية وجد أن من يموت بسبب تلوث
الهواء في فرنسا والنمسا وسويسرا كل عام يزيد على عدد من يقتل بسبب حوادث
الطرق كل عام حيث أوضحت الدراسة أنه يموت كل عام 21 ألف شخص في البلدان
الثلاثة المذكورة بسبب التلوث ، في حين يموت 10 آلاف شخص فيها بسبب حوادث
الطرق.

وقد أبرمت بعض الاتفاقيات التي تهدف إلى استخدام الغلاف الجوي
استخداما سلميا والالتزام بعدم إتيان الأنشطة المسببة بتلويثه ومن هذه
الاتفاقيات :

أولا / اتفاقية موسكو لحظر التجارب النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت الماء لعام 1963 .

إن التجارب النووية التي تجريها الدول ، تسبب أخطار كبيرة على البيئة
والغلاف الجوي ، كون هذه التجارب تحدث إشعاعات ذرية تصل إلى الدول القريبة
من مكان التفجير ، وان هناك كميات أخرى من هذه الإشعاعات تبقى عالقة في
الجو وينقلها الهواء إلى مسافات بعيدة جدا عن مناطق التفجير .

وقد أكدت الأبحاث العلمية بشأن هذه التجارب تلك المخاطر والأضرار
التي تنجم عنها ، لاسيما الأبحاث التي أجريت بعد الحرب العالمية الثانية ،
وأثبتت الأبحاث بأن الإشعاعات والغبار الذري المكون من المواد الانشطارية
المشعة لا يمكن حصر آثارها ، حيـث أن لهـذا الغبـار الذري قـدرة يســـتطيع
من خلالها


القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


الإضرار بالكائنات الحية من الناحيتين الحيوية والوراثية ولفترات قد تصل إلى أجيال مقبلة أخرى ايضا .

ولقد توصلت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي
السابق والمملكة المتحدة في 26 تموز 1963 في موسكو إلى عقد هذه الاتفاقية.

وكان الهدف الرئيس من وراء عقدها ، كما أعلنه أطرافها في الديباجة ،
هو نزع السلاح نزعا تاما وشاملا ، ومن جهة أخرى ابدوا رغبتهم في وضع حد
لتلوث الأجواء والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان.

ويتبين من ذلك، إلى أن الغاية الأساسية من عقد الاتفاقية كانت نزع
الأسلحة وليس لها علاقة مباشرة بحماية البيئة، وهذا يعني بأنها تدعو إلى
استخدام الغلاف الجوي استخداما سلميا يضمن عدم الإضرار به.

ثانيا / اتفاقية جنيف لعام 1977 لحظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة للأغراض العسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى .

عقدت هذه الاتفاقية على اثر استخدام الولايات المتحدة الأمريكية
الغلاف الجوي كسلاح . فقد قامت الولايات المتحدة في حرب فيتنام 1967-1972
بإحداث تغييرات في عناصر الغلاف الجوي مما أدى إلى هطول الأمطار الصناعية
الشديدة في مناطق واسعة من فيتنام .
وقام حينها الاتحاد السوفيتي السابق بتقديم مشروع اتفاقية إلى الأمم
المتحدة يقضي بتحريم استخدام وسائل التأثير بالبيئة للأغراض العسكرية أو
أية أغراض عدائية


القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


أخرى ، ووافق على هذه الاتفاقية عدد كبير من الدول بضمنها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق .

ويلاحظ بأن هذه الاتفاقية تحظر استخدام أساليب التغيير في البيئة
للأغراض العسكرية، أي لم تحظر استخدامه للأغراض السلمية حتى لو ترتب على
ذلك أضرار للبيئة ، فضلا عن أنها لم تبين ماهية الأغراض السلمية .



القسم الأول - الفصل الثالث الالتزامات الدولية العامة لحماية الغلاف الجوي من التلوث


المبحث الثاني

عدم جواز الادعاء بملكية الغلاف الجوي


أكدت الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمشتركات العالمية ، بأن الغلاف
الجوي شأنه شأن هذه المشتركات حيث لا يمكن لأحد الادعاء بملكيته .
إن مفهوم المشترك العالمي يرفض أي ادعاء بملكيته أو فرض سيادة دولة
ما عليه، وبخلافه فأن أي توجه مغاير سوف يواجه بالرفض القاطع من قبل
المجتمع الدولي. إلا انه بالمقابل، فان الادعاء بعدم ملكيته لا يعني عدم
السماح للدول بالاستفادة أو استغلال هذا المشترك العالمي ما دام الانتفاع
يصب بمصلحة البشرية جمعاء .

وهناك بعض الآراء التي تعتبر الغلاف الجوي من قبيل الدومين العام
الدولي المخصص للنفع العام لجميع الدول ، والذي لا يجوز استخدامه من قبل
أية دولة بصفة الاستقلال ، وبالشكل الذي لا يترتب على استخدامها له أي
أضرار بالدول الأخرى .


إن عدم الادعاء بملكية الغلاف الجوي ، بوصفه مشتركا عالميا ، يشبه إلى
حد كبير حالة عدم الادعاء بالمناطق المشتركة الأخرى والتي أكدتها اتفاقيات
دولية ، فاتفاق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://readwithus.yoo7.com
 
دور القانون الدولي في حماية الغلاف الجوي من التلوث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  طبقات الغلاف الجوي السبعة.
»  تلوث الغلاف الجوي ..
»  الغلاف الجوي وأهميته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ البيئة والفضاء ][©][§®¤~ˆ :: شؤون بيئية-
انتقل الى: