في الفترة من 360 إلى 300 مليون سنة مضت، حيث مرّ على
الأرض عصر عُرِفَ بالعصر الفحمي. في ذلك العصر بدأ ظهور الزواحف، وزاد عدد
الأسماك بشكل كبير، وكانت المياه منتشرة في كل مكان، وقد سمح هذا بظهور
أشجار السرخس هائلة الحجم، أما الطحالب؛ فقد تضخّمت هي الأخرى بشكل كبير.
في ذلك العصر كانت بقايا النباتات الميتة تتراكم وتتساقط إلى قيعان
المستنقعات الراكدة الموحلة؛ لتنعزل عن هواء الجو، وتتحول بعد ملايين
السنين من زوال هذه الأحراش وانطمار مستنقعاتها إلى فحم.
في ذلك
العصر أيضاً زادت نسبة الأكسجين في الجو بدرجة غير مسبوقة، وقد كان هذا
يؤدي إلى اندلاع الحرائق بمجرد حدوث البرق؛ لكن الأكسجين أيضاً سمح لحشرات
ذلك العصر أن تتعملق بشكل لم يحدث قبله أو بعده، وهنا نُلقي نظرة على ثلاثة
منها..
أرثروبلورا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هذه الحشرة المرعبة التي يصل طولها إلى حوالي 2.6 متراً،
ولها ثلاثين زوجاً من الأرجل، عاشت في أمريكا الشمالية في العصر الفحمي في
الفترة من 340 إلى 280 مليون سنة مضت. هي بالفعل أكبر كائن لا فقاري معروف
عاش على سطح الأرض في كل العصور، والفضل في هذا لنسبة غاز الأكسجين في الجو
التي وصل تركيزها إلى حوالي ثلث الهواء؛ مما سمح للحشرات أن تصل لهذه
الأحجام.
لطالما كانت مسألة طعام الأرثروبلورا محلّ جدل بين علماء
الحفريات؛ لأن كل الحفريات التي عُثر عليها لهذا الكائن كانت تفتقر إلى
الفم؛ لكن من المتوقع أن يكون لهذا الكائن مجموعة من الفكوك القوية
والحادّة. إذا كان هذا الاعتقاد صحيحاً فلا بد أن يكون الأرثروبلورا آكل
لحم؛ إلا أن بعض الحفريات المكتشفة حديثاً وَجَد فيها في أمعاء الحيوان
بقايا روث، وقد دلّنا تحليله على أن الأرثروبلورا كان على الأرجح يأكل
النباتات.
وتشير حفريات آثار الأقدام التي عُثر عليها في أماكن
متعددة إلى أن الأرثروبلورا كان سريع الحركة، وهو يتحرك على الأرض، ولعله
كان يقوم بدور في نقل بذور النباتات من مكان لآخر أثناء حركته مما يساعد
على إثراء الحياة النباتية.
يُعتقد أيضاً أن الأرثروبلورا كان يستطيع
الحركة تحت الماء، وأنه كان يعود للأنهار والبحيرات، عندما يرغب في تغيير
قشرته؛ لكن وجوده في الماء كان يجعله عرضة لهجوم الأسماك والبرمائيات
الضخمة التي كانت تعيش قي ذلك الوقت؛ بينما على الأرض لا يوجد الكثير ممن
يرغب في أكل كائن كهذا.
ميجانيورا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الجدة الكبرى للحشرة التي تُعرف اليوم باليعسوب؛ هذه
الحشرة عاشت منذ 300 مليون سنة في العصر الفحمي، هي واحدة من أكبر الحشرات
الطائرة حجماً؛ فطول جناحيها يبلغ حوالي 75 سنتيمتراً، أي أنها بحجم نسر
تقريباً، وهي تتغذى على الحشرات الأخرى، وعلى البرمائيات الصغيرة أيضاً؛
فإذا كان ضفدع اليوم يلتقط الحشرات الطائرة بلسانه؛ فقد مَرّ عليه وقت منذ
300 مليون عام، عندما كان أجداد هذه الحشرات يلتقطونه بأرجلهم ويتغذون
عليه.
تمّ اكتشاف حفرياتها للمرة الأولى على يد العالم الفرنسي
"ستيفانيان كول" عام 1880، وقد أسماها "تشارلز برونجنيارت" -عالم فرنسي
آخر- بهذا الاسم الذي يعني: الأعصاب الكبيرة؛ نسبة إلى الشبكة المُعقّدة من
الأوردة التي رآها على أجنحتها. من أفضل العيّنات الحفرية الموجودة لهذا
الكائن التي اكتشفت عام 1979 في إنجلترا، وهي محفوظة الآن في متحف التاريخ
الطبيعي بباريس.
فورميسيوم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نمل
قاتل عاش أيضاً في ذلك العصر الفحمي السعيد الذي لا شك في أنه كان جنة
للحشرات.
هذا النوع من النمل هو الأكبر على الإطلاق بين كل أنواع
النمل سواء الحالية أو المنقرضة. تبلغ المسافة بين جناحي الملكة المفرودين
من 13 إلى 15 سنتيمتراً. يبلغ طول الذكر 3 سنتيمرات؛ بينما يصل طول الملكة
إلى 5 سنتيمترات. لدينا حفريات لملكات هذا النوع من النمل وللذكور أيضاً،
أما الشغالات فلم يعثر لها على أية حفريات.
ظهر هذا
النمل في الفترة من 120 إلى 170 مليون، هذا النمل آكل لحم! يهجم النمل على
أي حيوان لا يستطيع أن يهرب في الوقت المناسب، حيوان جريح مثلاً، أو حيوان
طفل غير قادر على الحركة، وتكمن خطورته في أنه يتحرك بشكل جماعي؛ حيث يهجم
جيش مكوّن من آلاف النمل على الضحية، ويغطيها آكلاً إياها إلى العظام.
الحمدالله
انها انقرضت..