صحافتنا .. أنتم في زمن آخر
عبدالله النويصر
يعتقد بعض القائمين على وسائل الإعلام ، وهم يمارسون التشدد في نشر المقالات الصحفية والمواد الإعلامية ، بأنهم بذلك يحمون التركيبة الاجتماعية من الخلل والضرر والتشويه وخلافه .. وفي هذا خطأ جسيم ، وضرر للوطن ومستقبله ، إن كانوا لا يعلمون .
يقول البعض منهم بأنهم لا يريدون نشر مشاكلنا للعلن حتى لا يستغلها المتربصون بوطننا ، ويوظفونها لصالحهم .. فنقول لهم الأولى من ذلك مواجهة الحقائق لا الهروب منها ، ومعالجة المشاكل لا تغطيتها (مؤقتا) كما تفعل النعامة ، وأن نفضح كل الكسالى والمتخاذلين عن أداء الواجب ، ليكونوا عبرة لغيرهم ، وتحفيزا للآخرين .
البعض يتعاملون مع التشدد بحسب مصالحهم ، وبما يضمن استمرار بقائهم في مواقعهم ، التي تؤمن لهم المنافع والعلاقات الشخصية وخلافه .. وينطلقون من المثل القائل: (الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه واستريح ) رغم خطورة إغلاق هذا الباب .. ونجدهم يبالغون في الحرص والتشدد غير المبررين .. ويحرمون المتلقين من العمل الصحفي المتكامل والمواكب .
ليس من الضرورة أن يكون رأي الكاتب وفكره متفقا أو متجانسا مع رأي وفكر رؤساء التحرير والقائمين على الوسائل الإعلامية ، ولا أن تصدر الصحيفة والوسيلة الإعلامية برأي الصحيفة وفكر العاملين فيها ، بل لا بد أن تستوعب مختلف الأفكار والآراء والثقافات ، وتشرع الأبواب أمام تنوع الإبداعات في كافة مجالاتها الصحفية والإعلامية ، فهذا ما يتطلع إليه الجميع.
إن حدوث المستجدات والمتغيرات العصرية تفرض على القائمين على الصحافة ووسائل الإعلام مواكبتها بكل الوسائل والإمكانات ، واعتماد الشفافية وقبول مختلف الآراء والثقافات ، ومواجهة الحقائق بالمنطق والموضوعية والإقناع ، ومقارعة الحجة بمثلها ، وإلا تحولت تلك الوسائل إلى حالة من العبث والتظليل ، ليس مكانها الطبيعي في هذا الزمن، ولا بد أن يقال للآخرين ما يجب أن يقال لهم لا ما يجب أن يريحهم أو بالأصح يخدرهم في مواقع المسؤولية ، فيكون الفشل سيد الموقف ، ولا بد من طرح الحقائق لا الهروب منها ، وكأنها غير موجودة وهي تنخر بمقدرات الوطن والمواطنين.
إن حجب الحقائق عن المسؤولين والمعنيين هو أشبه بوضع الرباط الأسود على أعينهم لكي لا يروا الطريق الذي يسيرون عليه ، وبالتالي سوف يتعثرون ويقعون، وسوف تتحمل هذه الوسائل المسؤولية ، لأنها ساهمت في حدوثها من حيث تعلم أولا تعلم ، ويجب أن تكون العين الثالثة للمسؤول ليرى من خلالها مواقع الأخطاء والخلل وغيرها ويعمل على إيجاد المعالجة الفعلية .
لقد أصبح العالم قرية كونية ، وغدى التواصل والاتصال بفضل ثورة المعلومات والتقنيات الحديثة التي تدخل كل بيت وكل الأمكنة متاحا للجميع ، حيث تنقل لهم كافة الأحداث والتطورات بكل يسر وسهولة ، دون أية حواجز أو موانع .. ولا يمكن حجب الحقائق لا بالأصابع ولا بالمنخال مهما كانت أو كبر حجمهما .. ولنكن منطقيين ونعترف بأننا في زمن آخر ، ويجب التعامل معه بمنطقية وإيجابية .. وبالله التوفيق .