لقد أصبح التخلص الاقتصادي
والسليم من الفضلات الصناعية من أهم التحديات البيئية التي تواجه العالم
في القرن الواحد والعشرين في ظل ارتفاع تكاليف الإدارة البيئية وزيادة
التحديدات والتشريعات البيئية.
ولعل أكبر مشكلة بيئية تواجه الدول
المتقدمة والنامية على حد السواء، هي مشكلة تلوث التربة والمياه الجوفية
والسطحية بالفضلات السامة والخطرة وما تسببه من كوارث وحوادث بيئية.
وتشير التقارير العلمية، إلى أن إجمالي عدد المواقع الملوثة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يزيد عن 150 ألف موقع.
وفي
عام 1980م، أسست الحكومة الأمريكية برنامج يعرف باسم SUPER FUND، لتنظيف
مواقع النفايات السامة، بسبب تسرب مواد خطرة منها، مؤدية إلى حوادث وأضرار
صحية وبيئية، وتحتاج عملية تنظيف المواقع الملوثة إلى تكاليف باهظة حيث
قدرت تكاليف تنظيف جميع مواقع طمر النفايات السامة بالولايات المتحدة
الأمريكية بـ28-55 بليون دولار.
تنتج الفضلات الصناعية من صناعات
النسيج والأصباغ والدهانات وورش طلاء ومعاملة المعادن وصناعة الزيوت
والمصانع الكيماوية وغيرها، وتسبب هذه الفضلات مشاكل تلوث للبيئة إذا طُرحت
للأنظمة المائية دون معالجة، وذلك بسبب سميتها الشديدة ولونها ومكوناتها
من المواد العضوية والمعادن الثقيلة والنيتروجين والفسفور، حيث تستنزف
الملوثات العضوية الأكسجين المذاب في الأجسام المائية، مؤدية إلى تأثيرات
معاكسة على الأحياء المائية التي تعيش فيها.
أما المعادن الثقيلة،
مثل النحاس والكروم والرصاص والزئبق، فإنها تسبب تأثيرا "كبيرا" عن طريق
تراكمها في السلسلة الغذائية للإنسان. وتستخدم طرق مختلفة لمعالجة
الفضلات الصناعية، والحد من تأثيرها على الإنسان والبيئة، وتشمل هذه الطرق أساليب كيميائية وفيزيائية.
وبالرغم
من ارتفاع كفاءة هذه الأساليب في إزالة الملوثات الصناعية، إلا أن لها في
الواقع متطلبات خاصة، مثل ارتفاع تكاليفها، وتواجه بعض المشاكل التشغيلية،
وتحتاج إلى كميات كبيرة من المواد الكيماوية للمعالجة، وينتج عنها كميات
كبيرة من الرواسب، بحاجة إلى المزيد من المصادر للتخلص منها.
ولتجنب
سلبيات هذه الطرق، يتجه العالم الآن إلى استخدام الطرق البيولوجية التي
تتضمن إنتاج تلقائي لكتل حيوية BIOMASS، حيث يمكن استخدامها لاسترجاع
الطاقة وإعادة استخدام المياه.
ومن ميزاتها، انخفاض تكاليف تشغيلها
وكفاءتها العالية في المعالجة، وهي مناسبة جدا للبلدان النامية، ومن أهم
هذه الطرق التي جرى تطبيقها في السنوات الأخيرة، استخدام الطحالب
في معالجة الفضلات الصناعية.
ففي
جامعة سنغافورا الوطنية، تم تطوير مفاعل بيولوجي من الطحالب المنشطة
لمعالجة الفضلات الصناعية الناتجة من مصانع زيت النخيل ومزارع الحيوانات،
وقد أثبتت الطحالب قدرة عالية على إزالة الملوثات الصناعية، حيث بلغت كفاءة
المعالجة أكثر من 85% في إزالة الأكسجين الممتص بيولوجيا (BOD)، وأكثر من
80% في إزالة الأكسجين الممتص كيماويا (COD)، وأكثر من 65% في إزالة
النيتروجين والفسفور (P&N).
وفي ولاية أطلنطا بالولايات
المتحدة الأمريكية، قامت شركة متخصصة بمعالجة الفضلات الصناعية، باستخدام
الميكروبات بتطوير نظام بيولوجين يعتمد على الطحالب لإزالة المواد العضوية
والمعادن السامة من الفضلات الصناعية.
وقد تم استخدام النظام
بفعالية لإزالة المعادن المشعة من الفضلات الصناعية المطروحة من إحدى محطات
الطاقة النووية، ويتكون نظام المعالجة من عشرات اللوحات الخاصة المغطاة
بالطحالب، والتي تستطيع هضم الملوثات العضوية ومسك المعادن الثقيلة، بواسطة
عوامل معينة جاذبة لهذه المعادن تكون مخلوطة مع الطحالب، فمثلا تكون إحدى
اللوحات مخصصة لإزالة الزنك والكوبالت والمنغنيز، وأخرى مخصصة لإزالة
الكادميوم والرصاص وهكذا.
وحاليا، يعمل الباحثون على استخدام
الطحالب الخضراء المزرقة، لأن لها القدرة على إدامة نفسها، حيث تصنع
البروتين والكربوهيدرات، وتتكيف على العيش في البيئات المختلفة.
إن استخدام الطحالب في معالجة الفضلات الصناعية، هو جزء من اتجاه عالمي متنامي، لاستعمال الميكروبات في تنظيف البيئة.